كأنّما الإبريق حين قرقرا |
|
قد أمّ لثم الكأس حين فغرا(١) |
وحشيّة ظلّت تناغي جؤذرا |
|
ترضعه الدّرّ ويرنو حذرا(٢) |
كأنّما مجّ عقيقا أحمرا |
|
أوفتّ من ريّاه مسكا أذفرا |
أو عابد الرّحمن يوما ذكرا |
|
فنمّ مسكا ذكره وعنبرا |
أو عابد الرّحمن يوما ذكرا |
|
فنمّ مسكا ذكره وعنبرا |
الظّافر الملك الّذي من ظفرا |
|
بقربه نال العلاء الأكبرا |
لو أنّ كسرى راءه أو قيصرا |
|
هلّل إكبارا له وكبّرا |
تبدي سماء الملك منه قمرا |
|
إذا حجاب المجد عنه سفرا |
يا أيّها المنضي المطايا بالسّرى |
|
تبغى غمام المكرمات الممطرا |
وقال الفتح في ترجمة الأديب أبي القاسم بن العطار ، ما صورته :
هو أحد أدباء إشبيلية ونحاتها ، العامرين لأرجاء المعارف وساحاتها ، لو لا مواصلة راحاته ، وتعطيل بكره وروحاته ، وموالاته للفرج ، ومغالاته في عرف الأنس والأرج (٣) ، لا يعرّج إلا على ضفة نهر ، ولا يبتهج (٤) إلا بقطعة زهر ، ولا يحفل بملام ، ولا يتنقل إلا في طاعة غلام ، ناهيك من رجل مخلوع العنان في ميدان الصبابة ، مغرم بالحسان غرام يزيد (٥) بحبابة ، لا تراه إلا في ذمة انهماك ، ولا تلقاه إلا في لمّة انهتاك ، رافعا لرايات الهوى ، فارعا لثنيّات الجوى ، لا يقفر فؤاده من كلف ، ولا يبيت إلا رهن تلف ، أكثر خلق الله تعالى علاقة ، وأحضرهم لمشهد خلاقة ، مع جزالة تحرك السكون ، وتضحك الطير في الوكون ، وقد أثبتّ له مما ارتجله (٦) في أوقات أنسه وساعاته ، ونفث (٧) به أثناء زفراته ولوعاته ، فمن ذلك ما قاله في يوم ركب فيه النهر على عادات انكشافه ، وارتضاعه لثغور اللذات وارتشافه : [الطويل]
عبرنا سماء النّهر والجوّ مشرق |
|
وليس لنا إلّا الحباب نجوم |
وقد ألبسته الأيك برد ظلالها |
|
وللشّمس في تلك البرود رقوم |
__________________
(١) قرقر الإبريق : صوّت.
(٢) الجؤذر : ولد البقرة الوحشية.
(٣) في ب ، ه : في عرف للأنس أو أرج.
(٤) في ب ، ه : لا يلهج.
(٥) يزيد : هو يزيد بن عبد الملك بن مروان ، وحبابة : جارية كانت له وقد أغرم بها.
(٦) في ه : وقد أثبت له ما يرتجله.
(٧) في ب : وينفث به.