وإقبالك ، وبرك وإجمالك ، من أصله ثابت في أهل محبتكم ، وفرعه نابت في خاصتكم (١) : [الطويل]
وما رغبتي في عسجد أستفيده |
|
ولكنّها في مفخر أستجدّه |
فكلّ نوال كان أو هو كائن |
|
فلحظة طرف منك عندي ندّه |
فكن في اصطناعي محسنا كمجرّب |
|
يبن لك تقريب الجواد وشدّه |
إذا كنت في شكّ من السّيف فابله |
|
فإمّا تنافيه وإمّا تعدّه |
وما الصّارم الهنديّ إلّا كغيره |
|
إذا لم يفارقه النّجاد وغمده |
ولا بأس (٢) أن يتطوّل مولاي بغرس الصنيعة في أزكى الترب ، ووضع الهناء موضع النّقب(٣) ، والله سبحانه يبقي مولاي آخذا بزمام الفخر ، ناهضا بأعباء البر ، مالكا لأعنّة الدهر ، وصنع الله سبحانه لسيدي أتم الصنع وأجمله ، وأفضله وأكمله ، بمنه لا رب سواه ، انتهى.
رجع إلى أخبار المنصور الكبير محمد بن أبي عامر ، رحمه الله!.
وكنا قد ذكرنا أنه قبض على الوزير الحاجب المصحفي مع أنه كان أحد أتباعه.
قال صاحب كتاب «روضة الأزهار ، وبهجة النفوس ، ونزهة الأبصار» : ولما أمر المنصور بن أبي عامر بسجن المصحفي في المطبق بالزهراء (٤) ودّع أهله وودّعوه وداع الفرقة ، وقال لهم : لستم ترونني بعدها حيا ، فقد أتى وقت إجابة الدعوة ، وما كنت أرتقبه منذ أربعين سنة ، وذلك أني أشركت (٥) في سجن رجل في عهد الناصر ، وما أطلقته إلا برؤيا رأيتها بأن قيل لي : أطلق فلانا فقد أجيبت فيك دعوته ، فأطلقته وأحضرته وسألته عن دعوته عليّ ، فقال : دعوت على من شارك في أمري أن يميته الله في أضيق السجون ، فقلت : إنها قد أجيبت ، فإني كنت ممن شارك في أمره ، وندمت حين لا ينفع الندم ، فيروى أنه كتب للمنصور بن أبي عامر بهذه الأبيات : [البسيط]
هبني أسأت فأين العفو والكرم |
|
إذ قادني نحوك الإذعان والنّدم |
__________________
(١) الأبيات لأبي الطيب المتنبي من قصيدة يمدح بها كافورا الإخشيدي مطلعها :
أودّ من الأيام ما لا توده |
|
وأشكو إليها بيننا وهي جنده |
(٢) في ب ، ج : ولا غرو.
(٣) الهناء : القطران. والنقب : جمع نقبة ، وهي الجرب.
(٤) في ب ، ه : بالمطبق في الزهراء.
(٥) في ه : شاركت.