فما أنس لا أنس عهدي بها |
|
وجرّي فيها ذيول المراح |
ونومي على حبرات الرّياض |
|
يجاذب برديّ مرّ الرّياح(١) |
ولم أعط أمر النّهى طاعة |
|
ولم أصغ سمعي إلى قول لاح(٢) |
وليل كرجعة طرف المريب |
|
لم ادر له شفقا من صباح |
وقال في ترجمة الوزير أبي محمد بن مالك بعد كلام له فيه وإنشاده بيتيه البديعين اللذين هما : [الخفيف]
لا تلمني بأن طربت لشجو |
|
يبعث الأنس فالكريم طروب |
ليس شقّ الجيوب حقّا علينا |
|
إنّما الشّأن أن تشقّ القلوب(٣) |
ما صورته : وخرجت من إشبيلية مشيّعا لأحد زعماء المرابطين ، فألفيته معه مسايرا له في جملة من شيعه ، فلما انصرفنا مال بنا إلى معرّس أمير المسلمين أدام الله تعالى تأييده الذي ينزله عند حلوله بإشبيلية (٤) ، وهو موضع مستبدع ، كأن الحسن فيه مودع ، ما شئت من نهر ينساب انسياب الأراقم ، وروض كما وشت البرد يد راقم ، وزهر يحسد المسك ريّاه ، ويتمنى الصبح أن يسم به محيّاه ، فقطف غلام وسيم من غلمانه نورة ومد يده إليّ وهي في كفه ، فعزم على أن أقول بيتا في وصفه ، فقلت : [الطويل]
وبدر بدا والطّرف مطلع حسنه |
|
وفي كفّه من رائق النّور كوكب |
فقال أبو محمد : [الطويل]
يروح لتعذيب النّفوس ويغتدي |
|
ويطلع في أفق الجمال ويغرب |
ويحسد منه الغصن أيّ مهفهف |
|
يجيء على مثل الكثيب ويذهب |
وقال في ترجمة الوزير أبي القاسم بن السّقاط بعد كلام كثير ، ما صورته : وحملنا الوزير القاضي أبو الحسن بن أضحى إلى إحدى ضياعه بخارج غرناطة ، ومعنا الوزير أبو محمد بن مالك ، وجماعة من أعيان تلك الممالك ، فحللنا بضيعة لم ينحت المحل أثلها ، ولم ترمق العيون مثلها ، وجلنا بها في أكناف ، جنات ألفاف ، فما شئت من دوحة لفّاء ، وغصن يميس كمعطفي هيفاء ، وماء يناسب في جداوله ، وزهر يضمّخ بالمسك راحة متناوله ، ولما قضينا من
__________________
(١) في ه : يجاذب بردي راح الرياح.
(٢) في ب ، ه : ولم أصغ سمعا إلى لحي لاح.
(٣) في ه : إنما الحق أن تشق القلوب.
(٤) في ب ، ه : عند حلوله إشبيلية.