كل ما يصدر منه حسن |
|
لم يذقني في الهوى مر الغضب |
أي عيش سمح الدهر به |
|
كل نعمى ذهبت لما ذهب |
قال : ودخلت بتونس مع أبي العباس الغسّاني حماما ، فنظرنا إلى غلمان في نهاية الحسن ونعومة الأبدان ، فقلت مخاطبا له : [بحر السريع]
دخلت حماما وقصدي به |
|
تنعيم جسم فغدا لي عذاب |
قلت لظى فاعترضت حوره |
|
وقلت عدن فنهاني التهاب |
وأنت في الفضل إمام فكن |
|
في الحكم ممن حاز فصل الخطاب |
فقال : [بحر السريع]
لا تأمن الحمام في فعله |
|
فليس ما يأتيه عندي صواب |
فما أرى أخدع منه ولا |
|
أكذب إلا أن يكون السراب(١) |
يبدي لك الغيد كحور الدمى (٢) |
|
ويلبس الشيخ برود (٣) الشباب |
ظن به النار فلا جنة |
|
للحسن إلا ما حوته الثياب |
ومن فوائده ـ أعني ابن سعيد رحمه الله تعالى ـ في كتابه المحلى بالأشعار (٤) نقلا عن القرطبي (٥) قضية بناء الهودج بروضة مصر ، وهو من منتزهات الخلفاء الفاطميين العظيمة العجيبة البناء البديعة ، وذلك أنه يقال : إن الباني له الخليفة الآمر بأحكام الله ، للبدوية التي غلب عليه حبها ، بجوار البستان المختار ، وكان يتردد إليه كثيرا وقتل وهو متوجه إليه ، وما زال منتزها للخلفاء من بعده.
وقد أكثر الناس في حديث البدوية وابن ميّاح من بني عمها ، وما يتعلق بذلك من ذكر الآمر ، حتى صارت رواياتهم في هذا الشأن كحديث البطال وألف ليلة وليلة وما أشبه ذلك ، والاختصار منه أن يقال : إن الآمر قد كان بلي بعشق الجواري العربيات ، وصارت له عيون في البوادي ، فبلغه أن بالصعيد جارية من أكمل العرب وأظرفهم ، شاعرة جميلة ، فيقال : إنه تزيا
__________________
(١) السراب : ما يبدو شبيها بالماء عن بعد.
(٢) الدمى : جمع دمية ، وهي التمثال من العاج.
(٣) البرود : جمع برد ، وهو الثوب.
(٤) لعله أراد : القدح المعلّى في التاريخ المحلّى.
(٥) في ب : «القرطي».