من ولد شدّاد بن أوس الأنصاري ، الجزيري ، نسبة إلى الجزيرة الخضراء ، الإمام ، المقري ، الزاهد ، عرض على الأستاذ ابن أبي الربيع الموطأ من حفظه ، وأخذ عنه النحو ، وكان من أولياء الله تعالى الصالحين ، وعباده الناصحين ، آمرا بالمعروف ، ناهيا عن المنكر ، قوّالا بالحق ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، عارفا بمتون الحديث وأحكامه ، فقيها عارفا (١) متقنا لمذاهب الأئمة الأربعة والصحابة والتابعين ، لا يقبل من أحد شيئا ، مخلصا لله تعالى ، يتكلم على المنبر على عادة أهل العلم من تعليم المسائل الدينية ، وأقرأ القرآن بمكة مدّة بالقراءات وبالمدينة وبيت المقدس ، وممن قرأ عليه خليل إمام المالكية بالحرم ، والشهاب الطبري إمام الحنفية بالحرم ، وله مصنفات في القراءات : منها «مختصر الكافي» وكتاب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، ومولده سنة ٦٣١ (٢) تخمينا ، وتوفي ببيت المقدس آخر سنة ٧٢٣ ، رحمه الله تعالى!.
١٢١ ـ ومنهم الشيخ الفقيه ، الأستاذ ، النحوي ، التاريخي ، اللغوي ، أبو جعفر أحمد بن يوسف الفهري ، اللّبلي ، يكنى أبا العباس وأبا جعفر.
قرأ بالأندلس على مشايخ من أفضلهم الأستاذ أبو علي عمر الشّلوبين (٣) ، ثم ارتحل إلى العدوة ، وسكن بجاية ، وأقرأ بها مدّة ، وارتحل إلى المشرق فحج ، ثم رجع إلى حضرة تونس واتخذها وطنا ، واشتغل بها بالإقراء إلى أن مات ، كان يتبسط لإقراء سائر كتب العربية ، وله علم جليل باللغة ، وله تواليف كثيرة : منها على الجمل ، و «شرح الفصيح» لثعلب ، ولم يشذ فيه شيء من فصيح كلام العرب.
قال الغبريني رحمه الله تعالى : ورأيت له تأليفا في الأذكار ، وله عقيدة في علم الكلام ، ورأيت له مجموعا سماه «الإعلام ، بحدود قواعد الكلام» تكلم فيه على الكلم الثلاث ، الاسم والفعل والحرف ، وله تواليف أخر ، وكان من أساتيذ إفريقية في وقته (٤) ، وممن أخذ عنه ، واستفيد منه ، انتهى.
__________________
(١) عارفا : ساقطة من ب.
(٢) في غاية النهاية : سنة ٦٥٣.
(٣) هو عمر بن محمد بن عمر بن عبد الله أبو علي الإشبيلي المعروف بالشلوبين. (انظر ترجمته في بغية الوعاة ج ٢ ص ٢٢٤ ـ ٢٢٥).
(٤) أساتيذ : جمع أستاذ ، وهو المعلم ، والرئيس ، والعالم ، والماهر في صناعة يعلمها غيره. ويجمع أستاذ على أساتذة ، وأساتيذ ، وأستاذين.