فقال له العادل : هذا الضمير الذي في البيت الأول على ما ذا يعود؟ قال : بحسب مكارم السلطان ، إن شئت على الدراهم ، وإن شئت على الدنانير! فضحك وقال : هات كيسك ، فأخرج له كيسا يسع قدر مائة دينار ، فملأه له ، وقال : أظنه كان معدّا عندك ، فقال : مثل السلطان من يكون جوده مظنونا.
وكتب إليه مرة وقد أملق (١) : [بحر الكامل]
انظر إليّ بعين جودك مرة |
|
فلعلّ محروم المطالب يرزق |
طير الرجاء على علاك محلّق |
|
وأظنّه سيعود وهو مخلق |
فأعطاه جملة دنانير ، وقال له : اشتر بهذه ما تخلق به طير رجائك ، انتهى.
وأنشد ابن سعيد رحمه الله تعالى لبعض المغاربة ، وهو أبو الحسن علي بن مروان الرباطي (٢) الكاتب : [بحر الخفيف]
أنس أخي الفضل كتاب أنيق |
|
أو صاحب يعنى بود وثيق |
فإن تعره دون رهن به |
|
تخسره أو تخسر وداد الصديق |
وربّما تخسر هذا وذا |
|
فاسمع رعاك الله نصح الشفيق |
قال : وأجابه المخاطب بهذه الأبيات ، وهو ابن الرّبيب ، بنثر نصه : مثلك يفيد تجربة قد نفق عليها عمر ، وضل عن فوائدها غرّ غمر ، وقد أنفذت رهنا لا يسمح بإخراجه من اليد إلا ليدك ، فتفضل بتوجيه الجزء الأول ، فأنا أعلم أنه عندك مثل ولدك ، قال : فوجهه ومعه بطاقة صغيرة فيها : يا أخي ، إن عرضت بولدي فكذلك كنت مع والدي وقد توارثنا العقوق كابرا عن كابر ، فكن شاكرا فإني صابر.
ثم قال ابن سعيد : وتفاقم أمر ولده فقيّده بقيد حديد وقال فيه : [بحر السريع]
لي ولد يا ليته |
|
لم يك عندي يخلق |
يجهد في كل الذي |
|
يرغم وهو يعشق |
وإن أكن قيّدته |
|
دمعي عليه مطلق |
وذكر ابن سعيد أن الكاتب أبا الحسن المذكور كان كثيرا ما يستعير الكتب ، فإذا طلبت
__________________
(١) أملق : افتقر.
(٢) في ب : «الزناطي».