مصغرا ، وللأيام علل تبسط وتقبض ، وعوامل ترفع وتخفض ، فلا دخل عروضك قبض ، ولا عاقب رفعك خفض ، ولا زلت مرتبطا بالفضل شرطك وجزاؤك ، جاريا على الرفع سروك الكريم وسناؤك ، حتى يخفض الفعل ، وتبنى على الكسر قبل ، إن شاء الله.
وكتب رحمه الله تعالى يستدعي عود غناء : انتظم إخوانك ـ أعزك الله تعالى! ـ عقد شرب يتساقون في ودك ، ويتعاطون ريحانة شكرك وحمدك ، وما منهم إلا شره المسامع إلى رنّة حمامة ناد ، لا حمامة بطن واد ، والطّول لك في صلتها بجماد ناطق قد استعار من بنان لسانا ، وصار لضمير صاحبه ترجمانا ، وهو على الإساءة والإحسان لا ينفك من إيقاع به ، من غير إيجاع له ، فإن هفا عركت أذنه وأدّب ، وإن تأبّى (١) واستوى بعج بطنه وضرب ، لا زلت منتظم الجذل ، ملتئم الأمل ، انتهى.
ومن نظمه رحمه الله تعالى يتفجع ويتوجع (٢) : [الطويل]
شراب الأماني لو علمت سراب |
|
وعتبى اللّيالي لو عرفت عتاب |
وهل مهجة الإنسان إلّا طريدة |
|
يحوم عليها للحمام عقاب |
يخبّ بها في كلّ يوم وليلة |
|
مطايا إلى دار البلى وركاب |
وكيف يغيض الدّمع أو يبرد الحشا |
|
وقد باد أقران وفات شباب |
أقلّب طرفي لا أرى غير ليلة |
|
وقد حطّ عن وجه الصّباح نقاب |
كأنّي ، وقد طار الصّباح ، حمامة |
|
يمدّ جناحيه عليّ غراب |
دعا بهم داعي الرّدى فكأنّما |
|
تبارت بهم خيل هناك عراب(٣) |
فها هم وسلم الدّهر حرب كأنّما |
|
جثا بينهم طعن لهم وضراب(٤) |
هجود ولا غير التّراب حشيّة |
|
لجنب ولا غير القبور قباب |
ولست بناس صاحبا من ربيعة |
|
إذا نسيت رسم الوفاء صحاب |
وممّا شجاني أن قضى حتف أنفه |
|
وما اندقّ رمح دونه وكعاب |
وأنّا تجارينا ثلاثين حقبة |
|
فمات سباقا والحمام قصاب(٥) |
كأن لم نبت في منزل القصف ليلة |
|
نجيب بها داعي الصّبا ونجاب |
__________________
(١) في ب ، ه : تأتي.
(٢) ديوان ابن خفاجة ص ٢١٧.
(٣) الخيل العراب : الكريمة السالمة من الهجنة.
(٤) في ب ، ه : جثا بهم ..
(٥) في ب : ثلاثين حجّة ففات ..