ابن السمعاني في كتاب الذيل ، وقال : إنه اجتمع به بدمشق ، وسمع عنه مشيخة أبي عبد الله الرازي ، وانتخب عليه أجزاء ، وسأله عن مولده فقال : ولدت سنة ٤٨٦ في مدينة قرطبة ، ورأيت في بعض الكتب أن مولده سنة ٤٨٧ ، والأول أصح ، وكان شيخنا القاضي بهاء الدين أبو المحاسن (١) يوسف بن رافع (٢) بن تميم المعروف بابن شداد قاضي حلب رحمه الله تعالى يفتخر بروايته وقراءته عليه ، وقال : كنا نقرأ عليه بالموصل ، ونأخذ عنه ، وكنا نرى رجلا يأتي إليه كل يوم فيسلم عليه وهو قائم ، ثم يمد يده إلى الشيخ بشيء ملفوف ، فيأخذه الشيخ من يده ، ولا نعلم ما هو ، ويتركه ذلك الرجل ويذهب ، ثم تقفينا ذلك فعلمنا أنها دجاجة مسموطة كانت ترسم (٣) للشيخ في كل يوم ، يبتاعها له ذلك الرجل ويسمطها ويحضرها ، وإذا دخل الشيخ إلى منزله تولى طبخها بيده.
وذكر في كتاب «دلائل الأحكام» أنه لازم القراءة عليه إحدى عشرة سنة ، آخرها سنة ٥٦٧.
وكان الشيخ أبو بكر القرطبي المذكور كثيرا ما ينشد مسندا إلى أبي الخير الكاتب الواسطي : [الوافر]
جرى قلم القضاء بما يكون |
|
فسيّان التّحرّك والسّكون |
جنون منك أن تسعى لرزق |
|
ويرزق في غشاوته الجنين |
وتوفي القرطبي المذكور بالموصل يوم عيد الفطر سنة ٥٦٧ ، رحمه الله تعالى!.
انتهى كلام ابن خلكان ببعض اختصار.
٦٦ ـ ومنهم الوزير أبو عبد الله محمد ، ابن الشيخ الأجل أبي الحسن بن عبد ربه ، وهو من حفداء صاحب كتاب «العقد» المشهور.
حدث الشيخ الأجل أبو عبد الله محمد بن علي اليحصبي القرموني (٤) رفيقه قال : اصطحبت معه في المركب من المغرب إلى الإسكندرية ، فلما قربنا منها هاج علينا البحر ،
__________________
(١) أبو المحاسن : غير موجودة في ب.
(٢) هو يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة بن محمد بن عتاب بن شداد أبو المحاسن ، وأبو العز الأسدي الحلبي ، قاضي القضاة إمام علامة ولد سنة ٥٣٩ ونشأ بالموصل ، وحفظ القرآن ولزم يحيى بن سعدون القرطبي ، فأحكم عليه القراءات والعربية (انظر غاية النهاية ج ٢ ص ٣٩٥).
(٣) في ابن خلكان : برسم الشيخ.
(٤) في بعض النسخ : القرومي.