وقال ابن سعيد ، في ترجمة الرئيس صفي الدين أحمد بن سعيد المرذغاني (١) ، وهو من بيت وزارة ورياسة (٢) بدمشق : إن من شعره قوله : [بحر الخفيف]
كيف طابت نفوسكم بفراقي |
|
وفراق الأحباب مرّ المذاق |
لو علمتم بلوعتي وصبابا |
|
تي ووجدي وزفرتي واحتراقي |
لرثيتم للمستهام (٣) المعنّى |
|
ووفيتم بالعهد والميثاق |
قال ابن سعيد : وقفت على ذكر هذا الرئيس في كتاب «تاج المعاجم» ووجدت صاحبه الشهاب القوصي قد قال : أخبرني بدمشق أنه قد كان عزم على السفر منها إلى مصر ، لأمر ضاق به صدره ، فهتف به هاتف في النوم ، وأنشده : [بحر الكامل]
يا أحمد اقنع بالذي أعطيته |
|
إن كنت لا ترضى لنفسك ذلّها |
ودع التكاثر في الغنى لمعاشر |
|
أضحوا على جمع الدراهم ولّها |
واعلم بأن الله جلّ جلاله |
|
لم يخلق الدنيا لأجلك كلّها |
فانثنى عزمه عن الحركة ، ثم بلغ ما أمّله دون سفر.
وقال ابن سعيد ، في ترجمة المنتجب أحمد بن عبد الكريم الدمشقي المعروف بدفترخوان ، وهو الذي يقرأ الدفاتر بين أيدي الملوك والأكابر : إنه كان يقرأ الدفاتر بين يدي العادل بن أيوب ، وكان يكتب له بالأشعار في المواسم والفصول ، فينال من خيره ، وكتب له مرة وقد أظل الشتاء (٤) في دمشق فقال : [بحر المجتث]
مولاي جاء الشتاء |
|
والكيس منه خلاء (٥) |
لا زال يجري بما تر |
|
تضي علاك القضاء |
وكلّ كاف إليه |
|
يحتاج فيه التواء (٦) |
__________________
(١) كثر الاختلاف في هذه النسبة. ففي ه : المرذغاني. وفي ه : المردغاني وفي بعض النسخ : المزدغاني.
(٢) في ب : «ورئاسة».
(٣) المستهام : شديد العشق.
(٤) وفي بعض النسخ : وقد أطلّ الشتاء.
(٥) في ب ، ه : «والكيس منها خلاءء.
(٦) يشير إلى قول ابن سكرة :
جاء الشتاء وعندي من حوائجه |
|
سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا |
كنّ وكيس وكانون وكأس طلا |
|
بعد الكباب وكسّ ناعم وكسا |