١ ـ منهم عالم الأندلس عبد الملك بن حبيب السّلمي :
وقد عرّف به القاضي عياض في المدارك وغير واحد ، ورأيت في بعض التواريخ أن تواليفه بلغت ألفا ، ومن أشهرها كتاب «الواضحة» في مذهب مالك ، كتاب كبير مفيد ، ولابن حبيب مذهب في كتب المالكية مسطور ، وهو مشهور عند علماء المشرق ، وقد نقل عنه الحافظ ابن حجر وصاحب المواهب وغيرهما.
ومن نظمه يخاطب سلطان الأندلس : [البسيط]
لا تنس لا ينسك الرّحمن عاشورا |
|
واذكره لا زلت في التّاريخ مذكورا |
قال النّبيّ صلاة الله تشمله |
|
قولا وجدنا عليه الحقّ والنّورا |
فيمن يوسّع في إنفاق موسمه |
|
أن لا يزال بذاك العام ميسورا |
وهذا البيت الثالث نسيت لفظه فكتبته بالمعنى والوزن إذ طال عهدي به ، والله تعالى أعلم.
وقال الفتح في المطمح (١) : الفقيه العالم أبو مروان عبد الملك بن حبيب السلمي ، أي شرف لأهل الأندلس وأي مفخر (٢) ، وأي بحر بالعلوم يزخر (٣) ، خلدت منه الأندلس فقيها عالما ، أعاد مجاهل أهلها معالما (٤) ، وأقام فيها للعلوم أسواقا نافقة (٥) ، ونشر منها ألوية خافقة ، وجلا عن الألباب صدأ الكسل ، وشحذها شحذ الصّوارم والأسل (٦) ، وتصرف في فنون العلوم ، وعرف كل معلوم ، وسمع بالأندلس وتفقه ، حتى صار أعلم من بها وأفقه ، ولقي أنجاب مالك ، وسلك في مناظرتهم (٧) أوعر المسالك ، حتى أجمع عليه الاتفاق ، ووقع على تفضيله الإصفاق (٨) ، ويقال : إنه لقي مالكا آخر عمره ، وروى عنه عن سعيد بن المسيّب أن سليمان بن داود صلى الله عليهما وسلم كان يركب إلى بيت المقدس فيتغدّى به ، ثم يعود فيتعشّى بإصطخر ، وله في الفقه كتاب «الواضحة» ومن أحاديثه غرائب ، قد تحلت بها للزمان نحور وترائب (٩).
__________________
(١) المطمح ص ٣٦.
(٢) في ب ، ج : أي شرف لأهل الأندلس ومفخر.
(٣) يزخر : يرتفع ويعلو.
(٤) في ب ، ه : أعاد مجاهل جهلها معالما.
(٥) نافقة : رائجة.
(٦) الصوارم : السيوف. والأسل : الرماح.
(٧) في ب : وسلك من مناظرتهم. وفي ه : من مناظراتهم.
(٨) الإصفاق : الإجماع.
(٩) الترائب : موضع القلادة من الصدر.