زور يعلّل قلب المستهام به |
|
دهرا ، وقد بقيت في النّفس حاجات |
لعلّ عتب اللّيالي أن يعود إلى |
|
عتبى فتبلغ أوطار ولذّات |
حتّى نفوز بما جاد الخيال به |
|
فربما صدقت تلك المنامات |
ولما أعرس المستعين بالله (١) ببنت الوزير الأجل أبي بكر بن عبد العزيز (٢) احتفل أبوه المؤتمن في ذلك احتفالا شهره ، وأبدع فيه إبداعا راق من حضره وبهره ، فإنه أحضر فيه من الآلات المبتدعة ، والأدوات المخترعة ، ما بهر الألباب ، وقطع بذكائه (٣) دون معرفتها الأسباب ، واستدعى إليه جميع أعيان الأندلس ، من دان وقاص ، ومطيع وعاص ، فأتوه مسرعين ، ولبوه متبرعين ، وكان مدير تلك الآراء ومدبّرها ، ومنشئ مخاطباتها ومحبّرها ، الوزير الكاتب أبو الفضل ، وصدرت عنه في ذلك الوقت كتب ظهر إعجازها ، وبهر اقتضابها وإيجازها ، فمن ذلك ما خاطب به صاحب المظالم أبا عبد الرحمن بن طاهر : محلك أعزك الله في طي الجوانح ثابت وإن نزحت الدار ، وعيانك في أحناء الضلوع باد وإن شحط المزار ، فالنفس فائزة منك بتمثّل الخاطر بأوفر الحظ ، والعين نازعة إلى إن تمتع من لقائك بظفر اللحظ ، فلا عائدة أسبغ بردا ، ولا موهبة أسوغ وردا ، من تفضلك بالخفوف (٤) إلى مأنس يتم بمشاهدتك التئامه ، ويتصل بمحاضرتك انتظامه ولك فضل الإجمال ، بالإمتاع من ذلك بأعظم الآمال ، وأنا أعزك الله على شرف سؤددك حاكم ، وعلى مشرع سنائك حائم ، وحسبي ما تتحقّقه من نزاعي وتشوّقي ، وتتيقنه من تطلعي وتتوقي ، وقد تمكن الارتياح باستحكام الثقة ، واعترض الانشراح بارتقاب الصلة (٥) ، وأنت وصل الله سعدك بسماحة شيمك ، وبارع كرمك ، تنشىء للمؤانسة عهدا ، وتوري بالمكارمة زندا ، وتقتضي بالمشاركة شكرا حافلا وحمدا ، لا زلت مهنّئا بالسعود المقتبلة (٦) ، مسوّغا اجتلاء غرر الأماني المتهللة ، بمنه ، انتهى.
ثم قال بعد هذا بيسير ، ما نصه : وركب المستعين بالله يوما نهر سرقسطة يريد طراد لذته ، وارتياد نزهته ، وافتقاد أحد حصونه المنتظمة بلبّته ، واجتمع له من أصحابه ، من اختصه لاستصحابه ، وفيهم أبو الفضل مشاهدا لانفراجهم ، سالكا لمنهاجهم ، والمستعين قد أحضر من
__________________
(١) أحمد بن محمد بن سليمان بن هود ، تولى الحكم بعد أبيه المؤتمن ، وبقي في الحكم حتى سنة ٥٠١.
(٢) أبو بكر بن عبد العزيز : كان وزيرا للمظفر عبد الملك بن منصور العامري.
(٣) بذكائه : غير موجودة في ب.
(٤) الخفوف : الإسراع.
(٥) في ب ، ج : واعترض الاقتراح باستحباب الصلة.
(٦) في ب ، ه : المقبلة.