يا قصر كم حويت من نعم |
|
عادت لقى بعوارض السّكك(١) |
يا قصر كم حويت من ملك |
|
دارت عليه دوائر الفلك(٢) |
ما شئت فابق فكلّ متّخذ |
|
يوما يعود بحال متّرك |
(٣) وقال القاضي أبو الفضل عياض عند ارتحاله عن قرطبة (٤) : [الطويل]
أقول وقد جدّ ارتحالي وغرّدت |
|
حداتي وزمّت للفراق ركائبي(٥) |
وقد غمضت من كثرة الدّمع مقلتي |
|
وصارت هواء من فؤادي ترائبي |
ولم يبق إلّا وقفة يستحثّها |
|
وداعي للأحباب لا للحبائب |
رعى الله جيرانا بقرطبة العلا |
|
وجاد رباها بالعهاد السّواكب(٦) |
وحيّا زمانا بينهم قد ألفته |
|
طليق المحيّا مستلان الجوانب |
أإخواننا بالله فيها تذكّروا |
|
مودّة جار أو مودّة صاحب |
غدوت بهم من برّهم واحتفائهم |
|
كأنّي في أهلي وبين أقاربي |
وأما مسجد قرطبة فشهرته تغني عن كثرة الكلام فيه ، ولكن نذكر من (٧) أوصافه وننشر من أحواله ما لا بد منه ، فنقول :
قال بعض المؤرخين : ليس في بلاد الإسلام أعظم منه ، ولا أعجب بناء وأتقن صنعة ، وكلما اجتمعت منه أربع سواري كان رأسها واحدا ، ثم صف رخام منقوش بالذهب واللازورد في أعلاه وأسفله ، انتهى.
وكان الذي ابتدأ بناء هذا المسجد (٨) العظيم عبد الرحمن بن معاوية المعروف بالداخل ، ولم يكمل في زمانه ، وكمله ابنه هشام ، ثم توالى الخلفاء من بني أمية على الزيادة فيه ، حتى
__________________
(١) في ب : يا قصر كم قد حويت ..
(٢) في ب : يا قصر كم قد حويت ..
(٣) في ب : ابق بما شئت ... يعود يوما بحال ..
(٤) انظر قلائد العقيان في ترجمة القاضي عياض ص ٢٢٢ ـ ٢٢٦.
(٥) زمت الركائب : أعدت للرحيل.
(٦) العهاد : أول مطر السنة.
(٧) في ه : ولنشر من أحواله ما لا بد منه ، وسقطت : ولكن نذكر من أوصافه.
(٨) في ب ، ه : بنيان هذا المسجد.