وشذاه صانه حتّى اغتدى |
|
بين أيدي الريح غصبا ينتهب |
يا نسيما عطّر الأرجاء ، هل |
|
بعثوا ضمنك ما يشفي الكرب؟ |
هم أعلّوه وهم يشفونه |
|
لا شفاه الله من ذاك الوصب (١)! |
خلع الروض عليه زهره |
|
حين وافى من ذراكم فعل صبّ |
فأبى إلا شذاه فانثنى |
|
حاملا من عرفه ما قد غصب |
لست ذا نكر لأن يشبهكم |
|
من بعثتم ، غير ذا منه العجب |
غالب الأغصان في بدأته |
|
ثم لما زاد أعطته الغلب |
فبكى الطلّ (٢) عليها رحمة |
|
أو بكى من وعظ طير قد خطب |
كلّ هذا قد دعاني للّتي |
|
ملكت رقي على مر الحقب (٣) |
قهوة (٤) أبسم من عجب لها |
|
عندما تبسم عجبا عن حبب (٥) |
حاكت الخمر فلما شعشعت (٦) |
|
قلت ما للخمر بالماء التهب |
وبدت من كأسها لي فضّة |
|
ملئت إذ جمدت ذوب الذهب |
اسقنيها (٧) من يدي مشبهها |
|
بالذي يحويه طرف وشنب (٨) |
لا جعلت الدهر نقلي غير ما |
|
لذّ لي من ريق ثغر كالضّرب (٩) |
لا جعلت الدهر ريحاني سوى |
|
ما بخدّيه من الورد انتخب |
لم أزل أقطع دهري هكذا |
|
وكذا أقطع منه المرتقب |
حبّذا عيش قطعناه لدى |
|
معطف الخابور ما فيه نصب |
مع من لم يدر يوما ما الجفا |
|
من أراح الصب فيه من تعب |
__________________
(١) الوصب : المرض.
(٢) الطل : المطر الخفيف.
(٣) الحقب : جمع حقبة ، وهي فترة من الزمن غير محددة الوقت.
(٤) القهوة : الخمر.
(٥) الحبب : ما يعلو الماء من فقاقيع.
(٦) شعشع الخمر : مزجها بالماء.
(٧) في ب : «سقّنيها».
(٨) الشنب : صفاء الأسنان وابيضاضها.
(٩) الضرب : العسل الأبيض.