بأهل الكوفة مع كثرة من نزل بها من علماء الأمة كعلي وابن مسعود ومن كان معهما : [البسيط]
ليس التّكحّل في العينين كالكحل
سنح لنا بغض الجمود ، ومعدن التقليد : [الكامل]
الله أخّر مدّتي فتأخّرت |
|
حتّى رأيت من الزّمان عجائبا |
يا لله وللمسلمين ، ذهبت قرطبة وأهلها ، ولم يبرح من الناس جهلها ، ما ذاك إلا لأن الشيطان يسعى في محو الحق فينسيه ، والباطل لا زال يلقنه ويلقيه ، ألا ترى خصال الجاهلية كالنياحة والتفاخر والتكاثر والطعن والتفضيل والكهانة والنجوم والخط والتشاؤم وما أشبه ذلك ، وأسماؤها (١) كالعتمة ويثرب ، وكذا التنابز بالألقاب وغيره مما نهي عنه وحذر منه ، كيف لم تزل من أهلها ، وانتقلت إلى غيرهم مع تيسّر أمرها ، حتى كأنهم لا يرفعون بالدين رأسا ، بل يجعلون العادات القديمة أسا ، وكذلك محبة الشعر والتلحين والنسب وما انخرط في هذا السلك ثابتة الموقع من القلوب ، والشرع فينا منذ سبعمائة سنة وسبع وستين سنة لا نحفظه إلا قولا ، ولا نحمله إلا كلّا ، انتهى.
وقال الحافظ ابن غازي ـ بعد ذكر كلام مولاي الجد ـ ما نصه : وحدثني ثقة ممن لقيت أنه لما قدم مدينة فاس العلامة أبو يحيى الشريف التلمساني وتصدى لإقراء التفسير بالبلد الجديد وأمر السلطان أبو سعيد المريني الحفيد أعيان الفقهاء بحضور مجلسه كان مما ألقاه إليهم منزع المقري (٢) هذا ، فبالغوا في إنكاره ، ورأوا أنه لا معدل (٣) عما عول عليه زعماء الفقهاء كابن رشد وأصحاب الوثاق كالمتيطي من اعتماد أهل قرطبة ومن في معناهم انتهى.
وقال بعض المؤرخين ـ حين ذكر قرطبة ـ ما ملخصه : هي قاعدة بلاد الأندلس ، ودار الخلافة الإسلامية ، وهي مدينة عظيمة ، وأهلها أعيان البلاد وسراة الناس ، في حسن المآكل والمشارب والملابس والمراكب ، وعلو الهمم ، وبها أعلام العلماء ، وسادات الفضلاء ، وأجلاد الغزاة ، وأنجاد الحروب ، وهي في تقسيمها خمس مدن يتلو بعضها بعضا ، وبين المدينة والمدينة سور عظيم حصين حاجز ، وكل مدينة مستقلة بنفسها ، وفيها ما يكفي أهلها من الحمامات والأسواق والصناعات وطول قرطبة ثلاثة أميال في عرض ميل واحد ، وهي في سفح جبل مطل عليها ، وفي مدينتها الثالثة وهي الوسطى القنطرة والجامع الذي ليس في معمور
__________________
(١) في ب : وأسماءها.
(٢) في ج : مشرع المقري.
(٣) في ج : لا معوّل عما عول عليه.