والمعنى : استمر على التوحيد فرحا بالخير الذي أصابه ، واستقرار مثل هذا على الإيمان يصيره مؤمنا إذا زال عنه التردد. وحال هؤلاء قريب من حال المؤلّفة قلوبهم.
والانقلاب : مطاوع قلبه إذا كبّه ، أي ألقاه على عكس ما كان عليه بأن جعل ما كان أعلاه أسفله كما يقلب القالب ـ بفتح اللام ـ. فالانقلاب مستعمل في حقيقته ، والكلام تمثيل. وتفسيرنا الانقلاب هنا بهذا المعنى هو المناسب لقوله (عَلى وَجْهِهِ) أي سقط وانكب عليه ، كقول امرئ القيس :
يكب على الأذقان دوح الكنهبل
وكقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا كبّه الله على وجهه».
وحرف الاستعلاء ظاهر وهو أيضا الملائم لتمثيل أول حاله بحال من هو على حرف.
ويطلق الانقلاب كثيرا على الانصراف من الجهة التي أتاها إلى الجهة التي جاء منها ، وهو مجاز شائع وبه فسر المفسرون. ولا يناسب اعتباره هنا لأن مثله يقال فيه : انقلب على عقبيه لا على وجهه ، كما قال تعالى : (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) [البقرة : ١٤٣] إذ الرجوع إنما يكون إلى جهة غير جهة الوجه.
والفتنة : اضطراب الحال وقلق البال من حدوث شر لا مدفع له ، وهي مقابل الخير.
وجملة (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) بدل اشتمال من جملة (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ).
وجملة (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) معترضة بين جملة (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) وجملة (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) [الحج : ١٢] التي هي في موضع الحال من ضمير (انْقَلَبَ) أي أسقط في الشرك.
والخسران : تلف جزء من أصل مال التجارة ، فشبه نفع الدنيا ونفع الآخرة بمال التاجر الساعي في توفيره لأن الناس يرغبون تحصيله ، وثني على ذلك إثبات الخسران لصاحبه الذي هو من مرادفات مال التجارة المشبه به ، فشبه فوات النفع المطلوب بخسارة المال.
وتعليق الخسران بالدنيا والآخرة على حذف مضاف. والتقدير خسر خير الدنيا وخير