بها كلّ ذيّال وخنساء ترعوي إلى كلّ رجّاف من الرمل فارد
أي : بها وحش كثير في رمال كثيرة.
وتكرر هذا الإطلاق ثلاث مرات في قول عنترة :
جادت عليه كلّ بكر حرة |
|
فتركن كلّ قرارة كالدرهم |
سحا وتسكابا فكلّ عشية |
|
يجري عليها الماء لم يتصرم |
وتقدم عند قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) في [سورة البقرة : ١٤٥]. ويأتي إن شاء الله في سورة النمل.
و (يَأْتِينَ) يجوز أن يكون صفة ل (كُلِّ ضامِرٍ) لأن لفظ (كل) صيره في معنى الجمع. وإذ هو جمع لما لا يعقل فحقه التأنيث ، وإنما أسند الإتيان إلى الرواحل دون الناس فلم يقل : يأتون ، لأنّ الرواحل هي سبب إتيان الناس من بعد لمن لا يستطيع السفر على رجليه.
ويجوز أن تجعل جملة (يَأْتِينَ) حالا ثانية من ضمير الجمع في (يَأْتُوكَ) لأنّ الحال الأولى تضمنت معنى التنويع والتصنيف ، فصار المعنى : يأتوك جماعات ، فلما تأوّل ذلك بمعنى الجماعات جرى عليهم الفعل بضمير التأنيث.
وهذا الوجه أظهر لأنه يتضمن زيادة التعجيب من تيسير الحج حتى على المشاة. وقد تشاهد في طريق الحج جماعات بين مكة والمدينة يمشون رجالا بأولادهم وأزوادهم وكذلك يقطعون المسافات بين مكة وبلادهم.
والفجّ : الشقّ بين جبلين تسير فيه الركاب ، فغلب الفجّ على الطريق لأن أكثر الطرق المؤدية إلى مكة تسلك بين الجبال.
والعميق : البعيد إلى أسفل لأن العمق البعد في القعر ، فأطلق على البعيد مطلقا بطريقة المجاز المرسل ، أو هو استعارة بتشبيه مكة بمكان مرتفع والناس مصعدون إليه. وقد يطلق على السفر من موطن المسافر إلى مكان آخر إصعاد كما يطلق على الرجوع انحدار وهبوط ، فإسناد الإتيان إلى الرواحل تشريف لها بأن جعلها مشاركة للحجيج في الإتيان إلى البيت.
وقوله (لِيَشْهَدُوا) يتعلق بقوله (يَأْتُوكَ) فهو علّة لإتيانهم الذي هو مسبب على