ألا ترى قوله تعالى : (قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) [الجاثية : ٣٢]. وإذا كان الشك مفضيا إلى تلك العقوبة فاليقين أولى بذلك ، ومآل الشك واليقين بالانتفاء واحد إذ ترتب عليهما عدم الإيمان به وعدم النظر في دليله.
ويجوز أن تكون جملة (إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئة عن سؤال يثيره قوله : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) كأن سائلا سأل هل كانوا طامعين في حصول ما تمنّوه؟ فأجيب بأنهم كانوا يتمنون ذلك ويشكون في استجابته فلما حيل بينهم وبينه غشيهم اليأس ، واليأس بعد الشك أوقع في الحزن من اليأس المتأصل.
والمريب : الموقع في الريب. والريب : الشك ، فوصف الشك به وصف له بما هو مشتق من مادته لإفادة المبالغة كقولهم : شعر شاعر ، وليل أليل ، أو ليل داج. ومحاولة غير هذا تعسف.