فيما عدا الشر ، ويخص الشر منه باسم الوعيد ، يعمهما وهو هنا مستعمل في القدر المشترك. وقد تقدم عند قوله تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) الآية في سورة البقرة [٢٦٨].
وإضافته إلى الاسم الأعظم توطئة لكونه حقّا لأن الله لا يأتي منه الباطل.
والحق هنا مقابل الكذب. والمعنى : أن وعد الله صادق. ووصفه بالمصدر مبالغة في حقيقته.
والمراد به : الوعد بحلول يوم جزاء بعد انقضاء هذه الحياة كما دل عليه تفريع (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) الآية.
والغرور بضم الغين ويقال التغرير : إيهام النفع والصلاح فيما هو ضرّ وفساد. وتقدم عند قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا) في سورة آل عمران [١٩٦] وعند قوله: (زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) في سورة الأنعام [١١٢].
والمراد بالحياة : ما تشتمل عليه أحوال الحياة الدنيا من لهو وترف ، وانتهائها بالموت والعدم مما يسول للناس أن ليس بعد هذه الحياة أخرى.
وإسناد التغرير إلى الحياة ولو مع تقدير المضاف إسناد مجازي لأن الغارّ للمرء هو نفسه المنخدعة بأحوال الحياة الدنيا فهو من إسناد الفعل إلى سببه والباعث عليه.
والنهي في الظاهر موجه إلى الناس والمنهي عنه من أحوال الحياة الدنيا ، وليست الحياة الدنيا من فعل الناس ، فتعين أن المقصود النهي عن لازم ذلك الإسناد وهو الاغترار لمظاهر الحياة. ونظيره كثير في كلام العرب كقولهم : لا أعرفنّك تفعل كذا ، ولا أرينّك هاهنا ، (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) [المائدة : ٢] ، وتقدم نظيره في قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) آخر آل عمران [١٩٦].
وكذلك القول في قوله تعالى : (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ).
والغرور بفتح الغين : هو الشديد التغرير. والمراد به الشيطان ، قال تعالى : (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) [الأعراف : ٢٢]. وهو يغير الناس بتزيين القبائح لهم تمويها بما يلوح عليها من محاسن تلائم نفوس الناس.
والباء في قول (بِاللهِ) للملابسة وهي داخلة على مضاف مقدر أي ، بشأن الله ، أي