ولذلك سمي طلب الحمل هنا دعاء لأن في الدعاء معنى الاستغاثة.
وحذف مفعول (تَدْعُ) لقصد العموم. والتقدير : وإن تدع مثقلة أيّ مدعوّ.
وقوله : (إِلى حِمْلِها) متعلق ب (تَدْعُ) ، وجعل الدعاء إلى الحمل لأن الحمل سبب الدعاء وعلته. فالتقدير : وإن تدع مثقلة أحدا إليها لأجل أن يحمل عنها حملها ، فحذف أحد متعلقي الفعل المجرور باللام لدلالة الفعل ومتعلقه المذكور على المحذوف.
وهذا إشارة إلى ما سيكون في الآخرة ، أي لو استصرخت نفس من يحمل عنها شيئا من أوزارها ، كما كانوا يزعمون أن أصنامهم تشفع لهم أو غيرهم ، لا تجد من يجيبها لذلك.
وقوله : (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) في موضع الحال من (مُثْقَلَةٌ). و (لَوْ) وصلية كالتي في قوله تعالى : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ) في سورة آل عمران [٩١].
والضمير المستتر في (كانَ) عائد إلى مفعول (تَدْعُ) المحذوف ، إذ تقديره : وإن تدع مثقلة أحدا إلى حملها كما ذكرنا. فيصير التقدير : ولو كان المدعوّ ذا قربى ، فإن العموم الشمولي الذي اقتضته النكرة في سياق الشرط يصير في سياق الإثبات عموما بدليّا.
ووجه ما اقتضته المبالغة من (لَوْ) الوصلية أن ذا القربى أرق وأشفق على قريبه ، فقد يظن أنه يغني عنه في الآخرة بأن يقاسمه الثقل الذي يؤدي به إلى العذاب فيخف عنه العذاب بالاقتسام.
والإطلاق في القربى يشمل قريب القرابة كالأبوين والزوجين كما قال تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) [عبس : ٣٤ ، ٣٥].
وهذا إبطال لاعتقاد الغناء الذاتي بالتضامن والتحامل فقد كان المشركون يقيسون أمور الآخرة على أمور الدنيا فيعلّلون أنفسهم إذا هدّدوا بالبعث بأنه إن صح فإن لهم يومئذ شفعاء وأنصارا ، فهذا سياق توجيه هذا إلى المشركين ثم هو بعمومه ينسحب حكمه على جميع أهل المحشر ، فلا يحمل أحد عن أحد إثمه. وهذا لا ينافي الشفاعة الواردة في الحديث ، كما تقدم في سورة سبأ ، فإنها إنما تكون بإذن الله تعالى إظهارا لكرامة نبيئه محمدصلىاللهعليهوسلم ، ولا ينافي ما جعله الله للمؤمنين من مكفّرات للذنوب كما ورد أن أفراط المؤمنين يشفعون لأمهاتهم ، فتلك شفاعة جعلية جعلها الله كرامة للأمهات المصابة من