عيسى أوصى الحواريين أن لا يغفلوا عن نهي الناس عن عبادة الأصنام فكانوا إذا رأوا رؤيا أو خطر لهم خاطر بالتوجه إلى بلد من بلاد إسرائيل أو مما جاورها ، أو خطر في نفوسهم إلهام بالتوجه إلى بلد علموا أن ذلك وحي من الله لتحقيق وصية عيسى عليهالسلام. وكان ذلك في حدود سنة أربعين بعد مولد عيسى عليهالسلام.
ووقعت اختلافات للمفسرين في تعيين الرسل الثلاثة الذين أرسلوا إلى أهل أنطاكية وتحريفات في الأسماء ، والذي ينطبق على ما في كتاب أعمال الرسل من كتب العهد الجديد (١) أن (برنابا) و (شاول) المدعو (بولس) من تلاميذ الحواريين ووصفا بأنهما من الأنبياء ، كانا في أنطاكية مرسلين للتعليم ، وأنهما عززا بالتلميذ (٢) (سيلا). وذكر المفسرون أن الثالث هو (شمعون) ، لكن ليس في سفر الأعمال ما يقتضي أن بولس وبرنابا عزّزا بسمعان. ووقع في الإصحاح الثالث عشر منه أنه كان نبيء في أنطاكية اسمه (سمعان).
والمكذبون هم من كانوا سكانا بأنطاكية من اليهود واليونان ، وليس في أعمال الرسل سوى كلمات مجملة عن التكذيب والمحاورة التي جرت بين المرسلين وبين المرسل إليهم ، فذكر أنه كان هنالك نفر من اليهود يطعنون في صدق دعوة بولس وبرنابا ويثيرون عليهما نساء الذين يؤمنون بعيسى من وجوه المدينة من اليونان وغيرهم ، حتى اضطر (بولس وبرنابا) إلى أن خرجا من أنطاكية وقصدا أيقونية وما جاورها وقاومهما يهود بعض تلك المدن ، وأن أحبار النصارى في تلك المدائن رأوا أن يعيدون بولس وبرنابا إلى أنطاكية. وبعد عودتهما حصل لهما ما حصل لهما في الأولى وبالخصوص في قضية وجوب الختان على من يدخل في الدين ، فذهب بولس وبرنابا إلى أورشليم لمراجعة الحواريين فرأى أحبار أورشليم أن يؤيدوهما برجلين من الأنبياء هما (برسابا) و (سيلا). فأما (برسابا) فلم يمكث. وأما (سيلا) فبقي مع (بولس وبرنابا) يعظون الناس ، ولعل ذلك كان بوحي من الله إليهم وإلى أصحابهم من الحواريين. فهذا معنى قوله تعالى : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) إذ أسند الإرسال والتعزيز إلى الله.
والتعزيز : التقوية ، وفي هذه المادة معنى جعل المقوّى عزيزا فالأحسن أن التعزيز هو النصر.
__________________
(١) «الإصحاح» ١٣ ، أعمال الرسل ١ ـ ٩.
(٢) «الإصحاح» ١٥ ، أعمال الرسل ٣٤ ـ ٣٥.