عريت وكان بها الجميع فأبكروا |
|
منها وغودر نؤيها وثمامها |
وتقدم عند قوله تعالى : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) في سورة هود [٥٥]. فلفظ (جَمِيعاً) يعم أصناف المشركين على اختلاف نحلهم واعتقادهم في شركهم فقد كان مشركو العرب نحلا شتّى يأخذ بعضهم من بعض وما كانوا يحققون مذهبا منتظم العقائد والأقوال غير مخلوط بما ينافي بعضه بعضا.
والمقصد من هذه الآية إبطال قولهم في الملائكة إنهم بنات الله ، وقولهم : (لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) كما في سورة الزخرف [٢٠]. وكانوا يخلطون بين الملائكة والجن ويجعلون بينهم نسبا ، فكانوا يقولون : الملائكة بنات الله من سروات الجن.
وقد كان حيّ من خزاعة يقال لهم : بنو مليح ، بضم الميم وفتح اللام وسكون التحتية ، يعبدون الجن والملائكة ، والاقتصار على تقرير الملائكة واستشهادهم على المشركين لأن إبطال إلهية الملائكة يفيد إبطال إلهية ما هو دونها ممن أعيد من دون الله بدلالة الفحوى ، أي بطريق الأولى فإن ذلك التقرير من أهم ما جعل الحشر لأجله.
وتوجيه الخطاب إلى الملائكة بهذا الاستفهام مستعمل في التعريض بالمشركين على طريقة المثل «إياك أعني واسمعي يا جارة».
والإشارة ب (هؤُلاءِ) إلى فريق كانوا عبدوا الملائكة والجن ومن شايعهم على أقوالهم من بقية المشركين.
وتقديم المفعول على (يَعْبُدُونَ) للاهتمام والرعاية على الفاصلة.
وحكي قول الملائكة بدون عاطف لوقوعه في المحاورة كما تقدم غير مرة ولذلك جيء فيه بصيغة الماضي لأن ذلك هو الغالب في الحكاية.
وجواب الملائكة يتضمن إقرارا مع التنزه عن لفظ كونهم معبودين كما يتنزه من يحكي كفر أحد فيقول قال : هو مشرك بالله ، وإنما القائل قال : أنا مشرك بالله.
فمورد التنزيه في قول الملائكة (سُبْحانَكَ) هو أن يكون غير الله مستحقا أن يعبد ، مع لازم الفائدة وهو أنهم يعلمون ذلك فلا يضرون بأن يكونوا معبودين.
والولي : الناصر والحليف والصديق ، مشتق من الولي مصدر ولي بوزن علم. وكلّ من فاعل الولي ومفعوله وليّ لأن الولاية نسبة تستدعي طرفين ولذلك كان الولي فعيلا