(لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١) ونحوها ، مضافاً إلى أنّ الإمام (عليه السّلام) لو كان مجبوراً على الطاعة لم يكن صالحاً لأن يقتدى به ، وهذا مخالف لضرورة الدّين والمذهب كما هو المستفاد من قوله تعالى (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، وقول الإمام علي (عليه السّلام) : «ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدى به ويستضيء بنور علمه ، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ..» إلخ.
وأمّا (الأمر الثالث) المتعلَّق بالآيات القرآنية المنافية للعصمة.
فجوابه : أنّ كلّ آية قرآنية قامت القرينة العقلية على خلاف ظاهرها ، فظهورها الوضعي إلى ما تقتضيه القرينة كما هي سيرة العقلاء في هذه المقامات ، فإنّ كلّ كلام يصدر من أيّ ملتفت حكيم لا يحدّد ظاهره منفصلًا عن الأحكام العقلية الضرورية والقرائن الارتكازية والمناسبات العرفية ، فكيف بكلام الحكيم تعالى؟! فما ذكر في كلمات علمائنا الأبرار في توضيح الآيات القرآنية كما صنعه السيد المرتضى علم الهدى في كتابه (تنزيه الأنبياء) ليس منافياً للبلاغة ، بل هو منسجم تماماً مع باب الاستعارة والكناية ، فإنّ التعبير بذلك من باب أنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، والله العالم.
هل عصمة الأئمة (عليهم السّلام) عصمة مطلقة أم جزئية؟
باسمه تعالى العصمة بمعنى عدم خطئهم واشتباههم ثابتة في العلم بالأحكام الشرعية ، والأُمور التي ذكرناها في الجواب السابق وكذا عصمتهم في العمل بالوظائف ، فإنّهم (عليهم السّلام) وإن لم يكونوا مسلوبي القدرة على ارتكاب فعل الحرام وترك الواجب ، ولكن مع ذلك لا يرتكبون حراماً ولا يتركون واجباً ، فعصمتهم (عليهم السّلام) أمام المعاصي ليست بمعنى سلب القدرة ، بل نظير عصمتنا في بعض الأفعال التي لا تصدر منّا ولكنّنا متمكَّنون منها ، كما في كشف العورة أمام الناس ، فالإمام (عليه السّلام) معصوم كذلك بالنسبة إلى جميع التكاليف الشرعية
__________________
١) سورة الزمر : الآية ٦٥.