فقد تداعى الشرق والغرب ، من اليهود ، والنصارى ، والماديين الملحدين للقضاء على الإسلام ، وإلا قضى عليهم.
وتسابق فلاسفة هذه الدعوة لوضع الخطط الكفيلة بهدم ذلك الصرح الشامخ الذي بناه الآباء والأجداد خلال مئات السنين ، في أعظم وأسرع حضارة عرفتها الإنسانية خلال تاريخها الطويل.
وتظاهر المبشرون والمستشرقون في مؤتمرات عديدة لمثل هذه الغاية ، وكان مما قرروه وعزموا عليه ، هو القضاء على القرآن ، الذي عرفوا أنه سر من أسرار التماسك والاتحاد بين المسلمين ، فقالوا : ـ وقائلهم غلادستون رئيس وزراء بريطانيا ـ ما دام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق (١).
وقال الحاكم الفرنسي في الجزائر ، في ذكر مرور مائة سنة على استعمار الجزائر :
«إننا لن تنتصر على الجزائريين ما داموا يقرءون القرآن ، ويتكلمون العربية ، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم» (٢).
إذن لا بد من شن حملة على الإسلام والقرآن ، تستأصله من بين أيدي المسلمين ، وترفعه من أوساطهم ، لتتحقق التفرقة التي يحلم بها أعداء هذا الدين.
لقد قرروا هذا وهم يملكون من القوى ما تمكنوا بواسطته من إزالة كثير من الحضارات ، وتغيير كثير من الخرائط ، وإنشاء أو إفناء كثير من الدول.
إذن ففي وهمهم أنهم سيتمكنون من الوصول إلى هذا الهدف الذي
__________________
(١) الإسلام على مفترق طرق لمحمد أسد ص ٣٩.
(٢) المنار عدد ٩ ـ ١١ ـ ١٩٦٢.