وإما في بنية الكلمة وفصاحتها ، ودقتها ومناسبتها ، أو في تركيب الجملة من الفصاحة والبلاغة وغير ذلك من العيوب الكثيرة.
ومن كان يريد الوقوف على هذا فليرجع إلى كتب النقد في الأدب العربي ، ليرى من ذلك العجب العجاب.
وليرجع بصورة خاصة إلى معلقة امرئ القيس أمير شعراء الجاهلية ، ولينظر ما فيها مما قاله الإمام الباقلاني ، من نقد واعتراض ووهم وتناقض ، وغير ذلك من العيوب التي لا تليق بفصاحة امرئ القيس وبلاغته ، إذ أبدى فيها الباقلاني العشرات والعشرات من العيوب.
وإذا كان هذا شأن امرئ القيس سيد شعراء الجاهلية ، في خير شعره وأبلغه ، فما هو شأن غيره ، ممن لم يبلغ مبلغه؟.
فأين هذا من كلام القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو في الذروة العليا ، من الدقة والإحكام ، والتناسق والترابط ، وعدم التناقض والاضطراب ، في كل باب طرقه ، من كل شئون الكون والحياة؟!.
إن التحدي لم يكن فقط بأن يأتي العرب بمثل القرآن ، بل كان بأن يوجد البشر فيه أي نوع من أنواع الخلل أو الخطأ ، أو الاضطراب والتناقض فقال تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
وإن هذا التحدي ما زال قائما ، وسيبقى إلى يوم القيامة ، فمن عرف في القرآن تناقضا أو خللا فليوجدناه ، وليخبرنا به ، في كل جانب من جوانب العلم ، وفي كل شأن من شئون الكون والحياة التي ذكرها القرآن ، وإن كل من في الأرض من أهل الكفر والشقاق مدعوون إلى هذا ، وإنهم لإلى الوقوف عليه بالأشواق ... ، إلا أن الواقع أنه لا تناقض فيه ولا خلل ، في كل ما عرض له أو خاض فيه ، باعتراف كل عاقل في الأرض.
على أنني أريد أن أختم هذا الموضوع بقولي : إن من زعم أن إعجاز القرآن كان بالصرفة ، إنما هو إنسان ساذج ، ولئن كان بحاجة للرد عليه في الماضي ، فهو ليس بحاجة للرد عليه في وقتنا الحاضر ، في عصر الاكتشافات