الدين الباطل الذي كانت تمثله الكنيسة يتعارض مع العلم الذي وضعوا أيديهم عليه.
وسرت هذه العدوى عن طريق ضعاف الإيمان إلى ديار الإسلام ، بسبب ضعف المسلمين ، وغفلتهم ، وسيطرة أعدائهم عليهم.
وهنا ظهرت المعجزة القرآنية كالمارد الجبار ، الذي لا يقف في وجهه شيء إلا حطمه ، لتهز الأبراج الوهمية التي بناها فلاسفة الإلحاد بالتمويه والتدليس ، على غفلة من دعاة الدين الحق وبعد عنهم ، ولتقول للناس جميعا ، من مؤمن وملحد : مهلا أيها الناس ، فإن هذا الذي وصلتم إليه لن يكون سببا للجحود والإلحاد ، وإنما هو من أعظم دعائم الإيمان والإذعان ... فتنبه كثير من علماء المسلمين إلى آيات الإعجاز العلمي في القرآن التي كانت قد نطقت منذ أربعة عشر قرنا ... وفي الزمن الذي لم يكن فيه للمعارف الحديثة أي رصيد ـ نطقت بما وصلت إليه الحضارة الإنسانية المعاصرة في ذروة مباحثها ومكتشفاتها ... بل أصبح بعض هذه الآيات شعارا يردده كل علماء الكون والحياة صباح مساء ، ويجعلونه الدستور الأبدي الذي تقوم عليه حقائق العلم والمعرفة.
تنبه علماء المسلمين إلى هذه الآيات ، وأخذوا في عرضها عرضا جديدا يتفق مع مدلولها اللغوي القديم ، وهو في نفس الوقت ينطق بما وصلت إليه العلوم المعاصرة في نهاية مطافها ، وذروة مجدها ، مما جعل كل إنسان في الأرض ، من مؤمن وملحد ، يقف موقف الدهشة والذهول ، والإعجاب والإكبار ، أما المؤمن فزادته هذه الآيات المعجزة إيمانا ، وصار يعاين المعجزة القرآنية كما عاينها العرب الأوائل تماما ، ولكن بلغة العلم ، لا بأساليب البلاغة والبيان.
وأما الجاحد فكانت هذه الآيات كالصفعة العنيفة التي داهمته وهو في عنفوان غروره ، مما جعله يتنبه إلى الحقائق التي كان في غفلة تامة عنها ، وجعلته يراجع حساباته ، ويعيد النظر في منطقه وفلسفته ، وكثيرا ما دفعت المنصفين من أولئك الفلاسفة إلى الإيمان بالخالق العظيم العليم الحكيم.
وهكذا ... وبعد القرون الطويلة .. وبواسطة المكتشفات العلمية الحديثة