بناء الحكم عليه من شأنه أن يحقّق مصلحة ، ولكن دلّ دليل شرعي على إلغاء اعتبار هذا المناسب ومنع بناء الحكم الشرعي عليه.
ومثّلوا له بفتوى من أفتى أحد الملوك بأنّ كفّارته في إفطار شهر رمضان هو خصوص صيام شهرين متتابعين ، لأنّه وجد أنّ المناسب مع تشريع الكفّارات ردع أصحابها عن التهاون في الإفطار العمدي ، ومثل هذا الملك لاتّهمه بقية خصال الكفّارة لتوفّر عناصرها لديه ، فإلزامه بالصيام أكثر مناسبة لتحقيق مظنّة الحكمة من التشريع. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ التعيين يخالف حكم الشارع بأنّ وجوب الخصال الثلاث من باب التخيير مطلقاً ملكاً كان أو رعية ؛ فمثل هذا يعدّ نوع تقدّم على الله سبحانه قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ). (٢)
أضف إلى ذلك أنّه من قبيل القياس المهجور ، أي التماس العلل وعرض النصوص عليها والتصرف فيها حسب ما يناسب العلل المستنبطة ، وهذا المستنبط تخيّل أنّ الغاية الوحيدة من إيجاب الخصال هو تعذيب المفطر لكي لا يعود إلى الإفطار وهو لا يحصل إلّا بإيجاب صيام شهرين متتابعين. فنفى التخيير وأوجب عليه التعيين ، لكنّه تصرّف خاطئ ، إذ ليس للعقول التماس العلل والكشف عن واقعها ثمّ تطبيق النصوص عليها ، فكأنّ العقل ، مشرّع له ان يقيّد إطلاق النص ، دون أن يكون هناك اضطرار أو حرج أو ضرر ، بل أقصى ما هناك مصلحة متخيّلة يمكن أن تكون الغاية أحد الأمرين :
١. ردع المتهاون في الإفطار العمدي.
__________________
(١) (مصادر التشريع الإسلامي لخلاف : ٤٦.)
(٢) الحجرات : ١.