٤. إذا كانت الغاية من التوصّل بالأمر الحلال صوريّاً وتعلّقت الإرادة الجدية بالأمر الحرام ، أو كانت نفس المفسدة موجودة ، فالتوصّل بها حرام ، نظير توصل أصحاب السبت إلى اصطياد الحيتان بحفر جداول قرب البحر لحبسها يوم السبت واصطيادها يوم الأحد ، أو بيع الشيء نقداً بثمانية واشترائه نسيئة بعشرة.
ولذلك قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «قاتل الله اليهود ، إنّ الله تعالى لما حرّم عليهم شحومها جملوه ثمّ باعوه فأكلوا ثمنه». (١)
٥. إذا كان الحيل سبباً لاضاعة حقّ الآخر على ما مرّ.
أدلّة القائلين بجواز التحيّل
وقد استدلّ المثبتون له بالكتاب والسنّة :
الاستدلال بالكتاب
١. قوله سبحانه : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ). (٢)
روى المفسّرون أنّ أيّوب قد حلف على ضرب امرأته بمائة سوط ، فأمره سبحانه أن يجمع مائة من شماريخ (٣) ويجعلها ضِغثاً ، ويضربها مرة واحدة ، وكأنّه ضربها مائة سوط ، فذلك تحلّة أيمانه.
يلاحظ عليه : أنّ الاستدلال بالآية غير صحيح ، لاحتمال أن يكون ذلك الحكم تخفيفاً من الله سبحانه في حقّ أيّوب لمّا صبر طيلة سنين متمادية حتّى وصفه
__________________
(١) (بلوغ المرام : برقم ٨٠١. وجملوه : أي جمعوه ثمّ أذابوه احتيالاً على الوقوع في المحرم.)
(٢) (ص : ٤٤.)
(٣) جمع الشمارخ غصن دقيق ينبت في أعلى الغصن الغليظ.