٦
ظاهرة عدم النصّ بعد رحيل رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم)
قد تعرّفت على مكانة السنّة النبوية وأنّها تتمتع بالدرجة الثانية من بين مصادر التشريع ، فإذا كانت السنّة من الأهميّة بهذه المكانة العظيمة ، فيجب بذل الجهود المضنية لتدوينها وحفظها وشرحها ونقلها إلى الأجيال القادمة ، ولكن يا للأسف أُهملت السنّة النبويّة ، كتابة ودراسة ، ونقداً ، قرابة قرن ، اعتماداً على روايات معزوّة إلى النبيّ الأكرم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا توافق القرآن الكريم ، وتحطّ من مكانة السنّة.
كيف يصحّ للنبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أن يمنع من تدوين المصدر الثاني للتشريع بالرغم من أنّه سبحانه أمر بكتابة ما هو أدون منه شأناً ، بل لا يقاس به ، كما هو الحال في كتابة الدين ، فقال : (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا). (١)
نعم ربّما نجد في ثنايا التاريخ أنّ بعض الصحابة قام بتدوين شيء من الصحف ولكنّه لم يكن تدويناً لائقاً بشأن السنّة النبوية ، وكان الرأي العام على منع الكتابة والتدوين ، نعم بعد ما بلغ السيل الزبى ، وحتّى فهم الخليفة الأموي
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.