فنقول :
المقام الأوّل : الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد
اتّفقت العدلية خلافاً للأشاعرة على ما حكي انّ الأحكام الشرعية تابعة لمصالح ومفاسد واقعية في متعلّقها وانّه سبحانه لم يفرض أو يحرم شيئاً إلّا فيه مصلحة أو مفسدة عائدة إلى المكلّف وإلّا يلزم أن يكون التكليف عبثاً وفعله سبحانه لغواً وقد أشار نصير الدين الطوسي إلى الموضوع بجملة موجزة وقال : ونفي الغرض يستلزم العبث ، ولا يعود إليه. (١)
والجملة الأُولى دليل المسألة وانّه لو لا الغرض ، يعود فعله سبحانه عبثاً تعالى عن ذلك ، وهو ينافي كونه حكيماً ، ويؤيده النقل قال سبحانه : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) (٢) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على تنزيه فعله سبحانه عن العبث واللغو.
وتؤكد ذلك الآيات التي تتضمن بيان ملاكات الأحكام ومناطاتها يقول سبحانه في وجه تحريم الخمر : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٣) ، ويقول تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (٤). إلى غير ذلك من الآيات المبينة لمناطات الأحكام وملاكاتها.
وقد وردت عن أئمة أهل البيت (عليهمالسلام) روايات حول علل الشرائع حتى ألف الشيخ الصدوق (٣٠٦ ٣٨١ ه) في الموضوع كتاباً خاصا أسماه «علل الشرائع».
__________________
(١) (كشف المراد : ٦٤ مع تعليقاتنا.)
(٢) (المؤمنون : ١١٥.)
(٣) (المائدة : ٩١.)
(٤) العنكبوت : ٤٥.