ليس عملاً بالقياس بل عمل بالحجة ، لأنّ المفهوم الموافق مدلول عرفي يقف عليه كلّ مَن تدبّر في الموضوع.
وبذلك يعلم أنّ بعض ما استدلّ به على حجّية القياس من مقولة القياس الأولوي ، كقوله (عليهالسلام) : «فدين الله أحقّ بالقضاء» ، كما سيوافيك.
١٠. تنقيح المناط
إذا اقترن الموضوع في لسان الدليل بأوصاف وخصوصيات لا يراها العرف دخيلة في الموضوع ويتلقّاها من قبيل المثال ، كما إذا ورد في السؤال : رجل شكّ في المسجد بين الثلاث والأربع فأجيب بأنّه يبني على كذا ، فإنّ السائل وإن سأل عن الرجل الّذي شكّ في المسجد ، لكنّه يتلقّى العرف تلك القيود ، مثالاً ، لا قيداً للحكم ، أي بأنّه يبني على كذا ، فيعمّ الرجل والأُنثى ، ومَن شكّ في المسجد والبيت.
إنّ تنقيح المناط على حدّ يساعده ، الفهم العرفي ممّا لا إشكال فيه ، ولا صلة له بالقياس ، إذ لا أصل ولا فرع ، بل الحكم يعمّ الرّجل والأُنثى ، والشاك في المسجد والبيت ، بنفس الدليل مرة واحدة.
ولعلّ من هذا القبيل قصة الأعرابي حيث قال : هلكت يا رسول الله ، فقال له : «ما صنعت؟» قال : واقعت أهلي في نهار رمضان ، قال : «اعتق». (١)
والعرف يساعد على إلغاء القيدين وعدم مدخليتهما في الحكم.
١. كونه أعرابياً.
٢. الوقوع على الأهل.
__________________
(١) صحيح مسلم ، كتاب الصيام ، الحديث ١٨٧. وقد روي بطرق مختلفة وباختلاف يسير في المتن.