بوضوح على أنّه سبحانه تارة يصرح بعلل التشريع ودوافعه ، وأُخرى يشير إليها بأروع الإشارات ، ونحن نذكر من كلّ قسم شيئاً.
التصريح بالعلل
قد وردت في الذكر الحكيم آيات تتضمن تشريع الأحكام مقرونة بذكر عللها والمصالح التي تترتب عليها ، أو المفاسد التي تُدرأ بها ، نظير :
(إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). (١)
فالآيتان تشتملان على علل تشريع حرمة الخمر والميسر وما عطف عليهما من الأنصاب والأزلام ، إمّا بالإشارة إليها كقوله : «رجس من عمل الشيطان» و «رجاء الفلاح» وإمّا بالتصريح بها كما في الآية الثانية بأنّ مزاولتهما تورث العداء والبغضاء وتصد عن ذكر الله.
٢. (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ). (٢)
جعل الفيء لله وللرسول ولمن عطف عليهما ، لئلّا يتم تداول الثروة دائماً بين الأغنياء.
٣. (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ...). (٣)
__________________
(١) (المائدة : ٩٠ ٩١.)
(٢) (الحشر : ٧.)
(٣) الأنعام : ١٠٨.