٢. حجّية رأي الصحابي
يظهر من كلام ابن القيّم ، أنّ موضوع النزاع أعمّ من القول والرأي فقد أقام على حجّيته ٤٦ دليلاً لا يسعنا ذكرها ، لأنّ غالبها لا يخرج عن نطاق الحدس وليس لها أصالة ، وإنّما نقتصر على قليل منها :
الدليل الأوّل
إنّ قول الصحابي يحتمل أوجهاً لا تخرج عن ستة :
١. أن يكون قد سمعها من النبي.
٢. أن يكون سمعها ممّن سمعها منه.
٣. أن يكون فهمها من آيات كتاب الله فهماً خفي علينا.
٤. أن يكون قد اتّفق عليها ملؤُهم ولم ينقل إلينا إلّا قول المفتي بها وحده.
٥. أن يكون لمكان علمه باللغة ودلالة اللفظ على الوجه الذي انفرد به عنّا ، أو لقرائن حالية اقترنت بالخطاب ، أو لمجموع أُمور فهموها على طول الزمان لأجل معاشرة النبي.
٦. أن يكون فهم ما لم يرده الرسول وأخطأ في فهمه ، والمراد غير ما فهمه ، وعلى هذا التقدير لا يكون قوله حجّة ، ومعلوم قطعاً أنّ وقوع احتمال من خمسة أغلب على الظن من وقوع احتمال واحد معين ، وذلك يفيد ظناً غالباً قوياً على أنّ الصواب في قوله دون ما خالفه من أقوال مَن بعده وليس المطلوب إلّا الظنّ الغالب والعمل به متعيّن ، ويكفي العارف هذا الوجه. (١)
__________________
(١) إعلام الموقعين : ١٤٨ / ٤ في ضمن الدليل الثالث والأربعين.