الثاني : في ورود الترخيص في لسان الشارع
وهذا هو الأمر المهم في هذا الباب ، والمتتبع للروايات وفتاوى العلماء يقف على عدم ورود الترخيص لبعض الأطراف ، فكيف بجميعها.
نعم ربما استدلّ ببعض الروايات على جعل الترخيص نذكر منها ما يلي :
الأوّل : قوله «كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه» بناء على أنّ قوله «بعينه» تأكيد للضمير في قوله : «انّه» فيكون المعنى حتى تعلم أنّه بعينه حرام ، فيكون مفاده انّ محتمل الحرمة ما لم يتعين انّه بعينه حرام فهو حلال فيعم العلم الإجمالي والشبهة البدوية.
يلاحظ عليه : بأنّ الرواية جزء من رواية مسعدة بن صدقة ، والإمعان في الأمثلة الواردة فيها يورث اليقين بأنّ موردها هو الشبهة البدوية ولا صلة لها بأطراف العلم الإجمالي.
الثاني : ما رواه عبد الله بن سنان ، عن عبد الله بن سليمان ، قال : سألت أبا جعفر (عليهالسلام) عن الجبن ، فقال لي : «لقد سألتني عن طعام يُعجبني» ثمّ أعطى الغلام درهماً ، فقال : «يا غلام ابتع لنا جبناً» ، ثمّ دعا بالغداء ، فتغدّينا معه ، فأتى بالجبن فأكل وأكلنا ، فلمّا فرغنا من الغذاء ، قلت : ما تقول في الجبن ... إلى أن قال : «سأخبرك عن الجبن وغيره ، كلّما كان فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه». (١)
وربّما يستدلّ به على جواز الترخيص في أطراف العلم الإجمالي لكن الرواية ناظرة إلى الشبهة غير المحصورة ، إذ كان في المدينة المنورة أمكنة كثيرة تُجعل الميتة في الجبن ، وكان هذا سببَ السؤال ، فأجاب الإمام (عليهالسلام) بما سمعت.
__________________
(١) الوسائل : ١٧ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ١.