المقام الثاني : المصلحة من مصادر التشريع فيما لا نصّ فيه
هل المصلحة من مصادر التشريع ومن منابع استنباط الحكم الشرعي فيما لا نصّ فيه؟ فهناك صور ربّما يختلف حكمها.
الأُولى : تقديم المصلحة على النصّ ، ونبذ الآخر
إنّ الاستصلاح بهذا المعنى تشريع محرّم وتقدّم على الله ورسوله قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (١) ، والواجب على كلّ مسلم ، التجنّب عن هذا القسم من الاستصلاح ، فمن يتوهّم المصلحة في سلب حقّ التطليق عن الزوج ، أو منح الزوجة حقّ التطليق أيضاً ، لا يصحّ له التشريع ، ولكن نجد مع الأسف رواج هذا الأُسلوب بين لفيف من الصحابة بعد رحيل الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) حيث كانوا يقدّمون المصلحة على النص.
١. روى مسلم عن ابن عباس ، قال : كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم.
٢. وروى عن ابن طاووس ، عن أبيه : أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس : أتعلم انّما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وأبي بكر وثلاثاً من خلافة عمر؟ فقال : نعم.
٣. وروى أيضاً : أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس : هات من هناتك ألم يكن الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر واحدة؟ قال : قد كان ذلك ،
__________________
(١) الحجرات : ١.