الاستدلال على حجّية الاستحسان
استدلّوا على حجّيته بوجوه :
الأوّل : قوله سبحانه : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ). (١)
يلاحظ عليه : أنّ الآية ناظرة إلى القول الأحسن الذي يدعمه العقل والفطرة في مجال العقائد والمعارف. والشاهد عليه قوله سبحانه قبل هذه الآية.
يقول سبحانه : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ). (٢)
فالآية تندد بمن يعبد الطاغوت وتمدح من يجتنبه ويعبد الله وحده. فأين هذا من الاستحسان في الحكم الشرعي في مقام القضاء والإفتاء؟! وعلى فرض الشمول للأحكام العملية فالآية تمدح من يتبع القول الأحسن الّذي له رصيد عقلي أو نقلي لا مطلق الجنوح إلى شيء بلا دليل عليه.
ونظير هذه الآية قوله سبحانه : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ). (٣)
__________________
(١) (الزمر : ١٨.)
(٢) (الزمر : ١٨١٧.)
(٣) الزمر : ٥٥.