فإنّ المتّبع في الآية ما علم نزوله من جانبه سبحانه وصيغة «أحسن» مجردة عن التفضيل. وأين هذا من الاتّباع لما لم يعلم أنّ له رصيداً من الكتاب والسنّة أو لا؟!
الثاني : ما نقل عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن.
يلاحظ عليه : بعد ثبوت نسبته إليه وحجّية قوله بعد ثبوت النسبة أنّ المراد ما اتّفق المسلمون على حسن الشيء وقبحه لا الفقيه الواحد.
الثالث : النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) رخّص في مسائل على أساس الاستحسان دون أن ينزل عليه الوحي ، وهي :
أ. نهى رسول الله عن بيع المعدوم ، ورخّص في السلم.
ب. نهى رسول الله عن بيع الرطب باليابس ، ورخّص في العرايا.
ج. نهى رسول الله عن أن يختلى شجر مكة وأن يختلى خلاها ، ورخّص في الإذخر.
أقول : قد تقدّم أنّ المستدلّ زعم أنّ النبي (الأعظم (صلىاللهعليهوآلهوسلم)) اجتهد في هذه المسائل وأفتى على غرار الاستحسان!! والحقّ أنّه لم يكن يفتي إلّا بما أُوحي إليه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وأنّه أجلّ من أن يكون جاهلاً بالحكم الشرعي أو شاكّاً ثمّ يجتهد في استنباط الحكم ؛ وأمّا المسائل الثلاث فليست مبنية على الإفتاء بالاستحسان.
١. أمّا الترخيص في السلم فقد مضى أنّه لم يرد على لسان الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قوله : «لا تبع المعدوم» حتّى يكون بيع السلم استثناء ، وإنّما الوارد قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «لا تبع ما ليس عندك» وهو ناظر إلى بيع المبيع الشخصي الذي هو تحت الغير ، فما لم يتملّكه البائع لا يحق له أن يبيعه ، لعدم جواز بيع ما ليس عنده ، الذي هو كناية