لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ). (١)
والحشر هو الاجتماع ، قال سبحانه : (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) (٢) ، وهو كناية عن اللقاء بين اليهود (بني النضير المقيمين في المدينة) والمسلمين.
كيفية الاستدلال
إنّه سبحانه ذكر ما حلّ بهم ونبّه على علّته وسببه ثمّ أمر بالاعتبار وذلك تحذير من مشاركتهم في السبب ، فلو لم تكن المشاركة في السبب تقتضي المشاركة في الحكم ، ما كان لهذا القول معنىً. (٣)
يقول الأُستاذ شلبي : وهو تحذير لهم وبيان أنّ سنّة الله في خلقه أنّ ما جرى على الشيء يجري على نظيره وأنّ المسببات مرتبطة بأسبابها ، فإذا وجد السبب وجد المسبب ، وما القياس إلّا إلحاق النظير بنظيره في إعطائه حكمَه وربط للحكم بعلته يوجد معهما حينما وجدت ، فتكون الآية أمراً بأمر عام يشمل القياس وغيره ، والأمر يفيد المشروعية بصرف النظر عن كونه للوجوب أو الندب. (٤)
وقال عبد الوهاب خلّاف : وهذا يدلّ على أنّ سنّة الله في كونه ، أنّ نعمه ونقمه وجميع أحكامه هي نتائج لمقدّمات أنتجتها ، ومسببات لأسباب ترتّبت عليها ، وأنّه حيث وجدت المقدّمات نتجت عنها نتائجها ، وحيث وجدت
__________________
(١) (الحشر : ٢.)
(٢) (طه : ٥٩.)
(٣) (عدة الأُصول : ٦٧٣ / ٢.)
(٤) أُصول الفقه الإسلامي : ١٩٩.