نظرة أُخرى إلى مقاصد الشريعة
قد تبيّن لك أنّ المراد من مقاصد الشريعة هي العلل والمصالح والأغراض الداعية إلى تشريع الحكم ، على أقسامها المختلفة.
ولكن ربما يطلق ذلك العنوان ، على دراسة الفقه بصورة عامّة بتبيين خصوصيّاتها التي يعبّر عنها اليوم بفلسفة الفقه ، وقد أجرى الباحث عبد الجبار الرفاعي حوارات مع عدد من العلماء حول مقاصد الشريعة ، وأدلى كلّ واحد منهم بوجهة نظره في هذا الموضوع ، ونحن نقتبس كلمات من بعض الحوارات معترفين بعدم الصلة بينها وبين مقاصد الشريعة التي أشاد بنيانها الشاطبي في القرن الثامن.
١. خطابات موجّهة إلى الأُمّة وإلى الأفراد
ركّز الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رحمهالله) في المقام على لزوم التمييز بين نوعين من الخطابات التكليفيّة في الكتاب الكريم والسنّة الشريفة :
أحدهما : الخطابات الموجهة إلى الأُمّة باعتبارها مكلّفاً للجماعة.
الثاني : الخطابات الموجهة للأفراد. خلافاً للنظرة الموروثة والسائدة التي اعتبرت الخطابات الشرعية كلّها موجهة للأفراد ....
ويؤكد الشيخ شمس الدين على أنّ الخلل المنهجي الذي اعتبر الشريعة شريعة أفراد واعتبر الدين دين أفراد لا جماعة ، تغلغلت آثاره بوضوح في الفقه ، فلا نلاحظ في مجال الاجتماع ، فقه قضايا الوحدة الإسلامية ، أو قضايا الأُمّة ، أو قضايا المجتمع ، وهكذا فقه البيئة ، أو فقه الطبيعة.