يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ...). (١)
فالتربّص لأجل تبيّن وضع الرحم ، وهل هي تحمل ولداً أو لا؟ حكمة الحكم لا علته ، ولأجل ذلك نرى أنّ الحكم أوسع منه بشهادة أنّه يجب التربص على من نعلم بعدم وجود حمل في رحمها.
وحصيلة الكلام : إنّ دراسة مقاصد الشريعة التي غابت في حقب من الزمان ، ثمّ عادت إلى الساحة في القرن الرابع عشر أمرٌ مفيد في التعرف على الأهم والمهم ، حيث إنّ التعرف على الأغراض والغايات يوجب المعرفة بما هو الأهمّ عند الشارع وغيره.
وأمّا التعرف عليها لتكون ذريعة لاستكشاف الحكم الشرعي فهو رهن الحكم بأنّ ما استكشفناه من التدبّر في الآيات والروايات ومعاقد الإجماعات أنّها علّة تامّة للتشريع بحيث لا ينفك عن المعلول ، وأنّى لنا تحصيل ذلك اليقين ، مع كثرة وجود الحكم عند ذكر الغايات والأغراض؟!
وقد اعترف بذلك الأُستاذ محمد مصطفى شلبي في كتابه تعليل الأحكام ، وقال في رد زعم نفاة القول بالتعليل ما هذا لفظه :
ولم يقل أحد من أنصار القول بالتعليل انّ هذا علّة حكم يقاس عليه حتى يقول نفاة التعليل : إنّه لو كان علة قسم الفيء إلّا أن يكون دولة بين الأغنياء ، سرى ذلك إلى كلّ مال وقسّم كما قسّم الفيء ، ولم يقل أحد بذلك ، ونحن إذا قلنا : علّل الله حكماً ما ، بعلّة ما لا نعني أكثر من أن يبين المصالح التي شرع لها الأحكام ، والمفاسد التي دفعها بهذا التشريع ، وكون هذا يصلح لتعليل غيره فيعدى الحكم إليه ، أمر وراء هذا. (٢)
__________________
(١) (البقرة : ٢٢٨.)
(٢) تعليل الأحكام ، ص ١٨.