الاستدلال على القياس بالدليل العقلي
ويقرر بوجوه :
الأوّل : وحدة المناط تقتضي وحدة الحكم
إنّه سبحانه ما شرّع حكماً إلّا لمصلحة ، وأنّ مصالح العباد هي الغاية المقصودة من تشريع الأحكام ، فإذا ساوت الواقعةُ المسكوت عنها ، الواقعة المنصوص عليها في علّة الحكم الّتي هي مظنّة المصلحة ، قضت الحكمة والعدالة أن تُساويها في الحكم ، تحقيقاً للمصلحة التي هي مقصود الشارع من التشريع ، ولا يتّفق وعدل الله وحكمته أن يحرّم الخمر لإسكارها محافظة على عقول عباده ، ويبيح نبيذاً آخر فيه خاصيّة الخمر ، وهي الإسكار ، لأنّ مآل هذا ، المحافظةُ على العقول من مسكر ، وتركها عرضة للذهاب بمسكر آخر. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الكبرى مسلّمة ، وهي أنّ أحكام الشرع تابعة للمصالح والمفاسد ، إنّما الكلام في إمكان وقوف الإنسان على مناطات الأحكام وعللها على وجه لا يخالف الواقع قيد شعرة ، وأمّا قياس النبيذ على الخمر فهو خارج عن محلّ الكلام ، لأنّا نعلم علماً قطعياً بأنّ مناط حرمة الخمر هو الإسكار ، ولذلك روي عن
__________________
(١) مصادر التشريع الإسلامي : ٣٤ ٣٥.