توصّل المجتهد بجهده وكدّه إلى العلة ومع ذلك لا يعلم أنّها علّة الحكم أو حكمته ، وعلى فرض أنّها علّة هل هي علة تامة أو علة ناقصة؟ فلو أراد هذا فنفاة القياس ما تركوا النص في مورده ، وإنّما تركوه فيما ليس مورداً له.
وأمّا ما ذكره من أنّ نفاة القياس قرّروا أحكاماً تنفيها بداهة العقول كطهارة بول الخنزير والكلب ، فلا أظن أنّ لهؤلاء نصيباً من الفقه ، ولو أنّهم رجعوا إلى أئمّة أهل البيت لوقفوا على أنّ الجميع نجس دون أن يكون هناك حاجة إلى القياس.
فهذا هو الإمام الصادق يقول (عليهالسلام) : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه». (١)
٨. تقسيم العلّة باعتبار المناسبة إلى أقسام :
ثمّ إنّهم قسّموا العلل باعتبار المناسبة إلى أقسام أربعة :
١. المناسب المؤثر.
٢. المناسب الملائم.
٣. المناسب الملغى.
٤. المناسب المرسل.
وفسّروا الأوّل بما اعتبره الشارع علّة بأتمّ وجوه الاعتبار ، ودلّ صراحة وإشارة على ذلك.
يقول عبد الوهاب خلّاف : ما دام الشارع دلّ على أنّ هذا المناسب هو علّة الحكم ، فكأنّه دلّ على أنّ الحكم نشأ عنه وأنّه أثر من آثاره ، ولهذا سمّاه الأُصوليون «المناسب المؤثر» ، وهو العلّة المنصوص عليها ، ولا خلاف بين العلماء في بناء
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢ ، الباب ٨ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢. ولاحظ بقية أحاديث الباب.