المحيض ، وعلّل بكونه أذى ، فلو دلّت الآية على كونه تمام الموضوع للحكم فيتمسّك بها في غير المحيض إذا كان المسّ أذى كالنفاس وليس ذلك من مقولة العمل بالقياس ، بل من باب تطبيق الضابطة على مواردها.
وبذلك يعلم ما في كلام الأُستاذ : «محمد أبو زهرة» حيث زعم أنّ نفاة القياس يرفضون النص وقال : إنّ تعليل النصوص هو أساس الخلاف بين مثبتي القياس ونفاته ، فنفاته نفوا التعليل فقصروا النصوص على العبارة ، ومثبتوه أثبتوا التعليل ، فاعتبروا القياس إعمالاً للنصوص.
وقال أيضاً : وفي الحق أنّ نفاة القياس قد أخطئوا إذ تركوا تعليل النصوص ، فقد أدّاهم إهمالهم إلى أن قرّروا أحكاماً تُنفيها بداهة العقول ، فقد قرّروا أنّ بول الآدمي نجس للنصّ عليه ، وبول الخنزير طاهر لعدم النص ، وأنّ لعاب الكلب نجس ، وبوله طاهر ، ولو اتّجهوا إلى قليل من الفهم لفقه النص ما وقعوا في مناقضة البديهيات على ذلك النحو. (١)
أقول : ما ذكره من أنّ نفاة القياس تركوا تعليل النصوص ، كلام مجمل.
فإن أراد الموضع الّذي كان الحكم معلّلاً في نفس النصّ ودلّ الدليل أو القرائن المفيدة للعلم ، بأنّه علّة تامة للحكم وليس بحكمة ، فيعمل به نفاة القياس ، إذ لا يرونه من أقسام القياس ، بل عملاً بالنص ، إذ ليس هناك أصل ولا فرع ، بل الجميع داخل تحت التعليل مرة واحدة ، فإذا قال : علّة حرمة الخمر هي الإسكار ، فالنبيذ والخمر وغيرهما من المسكرات داخلة تحت التعليل على نسق واحد دون أن يكون هناك أصل وفرع.
وإن أراد الموضع الّذي ورد النص على الحكم ولم يشتمل على التعليل وإنّما
__________________
(١) أُصول الفقه : ٢١٢.