٤. المقاصد العامة ، غير الاستصلاح
ثمّ إنّ المقاصد العامة للشريعة ، غير المصالح المرسلة أو الاستصلاح ، فإنّ مورد الثاني ، هو إدراك الفقيه منفعة أو مضرة في موضوع خاص ، فيفتي بجلب الأوّل ودفع الثاني دون أن يستند في استكشافهما إلى نص قرآني ، أو سنة نبوية وذلك كوجوب الوقاية والتداوي من الأمراض ، أو حرمة تناول المخدرات من الأفيون والحشيشة وغيرها.
وهذا بخلاف الأوّل ، فإنّ الباحث يستكشف مقاصد الشريعة من الغور والتأمل في الكتاب العزيز ، والسنّة النبوية أو الاستقراء في الفتاوى فيستكشف من الجميع مقاصد الشرع من هذا التحريم أو ذلك الإيجاب.
هذا وقد ذكر ابن عاشور طرقاً ثلاثة لإثبات المقاصد الشرعية :
١. الطريق الأوّل : استقراء الأحكام المعروفة عللها ، إذ باستقراء العلل يحصل العلم بمقاصد الشريعة بسهولة ، لأنّنا إذا استشعرنا عللاً كثيرة متماثلة في كونها ضابطاً لحكمة متحدة أمكن أن نستخلص منها حكمة واحدة فيجزم بأنّها مقصد شرعي ، كما يستنتج من استواء الجزئيات حكم كلي حسب قواعد المنطق ثم ذكر أمثلة :
الطريق الثاني : أدلة القرآن الواضحة الدلالة مثل ما يؤخذ من قوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ، وقوله : (يا (١) أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (٢) ، وقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٣) ، وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ
__________________
(١) (البقرة : ٢٠٥.)
(٢) (النساء : ٢٩.)
(٣) الزمر : ٧.