ولأجل ذلك نرى أنّه سبحانه يعلّق إهلاك القرية على وجود المنذر ويقول : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ). (١) هذا كلّه حول الآيتين الأُوليين.
٣. وقال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى). (٢)
٤. وقال سبحانه : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). (٣)
والاستدلال بهما مبني على أنّه سبحانه استصوب منطق المجرمين ، وهو انّ التعذيب قبل البيان قبيح ، فأرسل الرسل لإفحام المشركين ودحض حجتهم يوم القيامة ، فلو كان منطقهم عند عدم البيان منطقاً ، زائفاً كان عليه سبحانه نقض منطقهم ببيان انّ التعذيب صحيح مطلقاً مع أنّا نرى أنّه سبحانه استصوبه وأرسل الرسل لإتمام الحجّة.
٢. الإضلال فرع البيان
قال سبحانه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). (٤)
وجه الاستدلال : انّ التعذيب من آثار الضلالة ، والضلالة معلَّقة على بيان التكليف في الآية ، فيكون التعذيب معلَّقاً عليه ، فينتج انّه سبحانه لا يعاقب إلّا بعد بيان ما يجب العمل أو الاعتقاد به.
__________________
(١) (الشعراء : ٢٠٨.)
(٢) (طه : ١٣٤.)
(٣) (القصص : ٤٧.)
(٤) التوبة : ١١٥.