الرابع : الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين
إنّ في مصطلح الأُصوليين قاعدة موسومة بقاعدة اليقين والشك الساري لسريان الشكّ إلى نفس اليقين كما إذا تيقّن بعدالة زيد يوم الجمعة ثم طرأ عليه الشكّ يوم السبت في عدالة زيد في نفس يوم الجمعة (لا السبت) وقد تبيّن بذلك أركان قاعدة اليقين :
أ. عدم فعلية اليقين في ظرف الشك.
ب. وحدة متعلقهما جوهراً وزماناً ، حيث تعلّق الشكّ بنفس ما تعلّق به اليقين وهو عدالة يوم الجمعة.
والمعروف بين الأصحاب أنّ الاستصحاب حجّة دون قاعدة اليقين. وانّ روايات الباب منطبقة على الأوّل دون الثانية كما ستوافيك.
الخامس : انّ هنا قاعدة ثالثة وهي قاعدة المقتضي والمانع التي تغاير القاعدتين الماضيتين وتختلف عنهما باختلاف متعلّق اليقين والشك جوهراً وذاتاً فضلاً عن الاختلاف في الزمان.
مثلاً إذا تيقن بصبِّ الماء على اليد للوضوء ، وشك في تحقّق الغَسْل للشك في المانع. أو تيقن برمي السهم وشكّ في القتل للشك في وجود المانع ، فمتعلّق اليقين غير متعلّق الشكّ بالذات ، حيث تعلّق اليقين بصبّ الماء والرمي ، وتعلّق الشكّ بوجود الحاجب والمانع.
نعم يتولد من هذا اليقين والشكّ ، شك آخر ، وهو الشكّ في حصول المقتضى أعني : الغَسْل والقَطْع ، والقائل بحجّية تلك القاعدة يتمسك بأصالة عدم المانع والحاجب ويثبت بذلك الغَسل أو القطع. بحجّة انّ المقتضي موجود ،