الملّة» ويقول : «فوّض إلى الحاكم الإسلامي وضع ما يراه لازماً من المقررات لمصلحة الجماعة وسدّ احتياجاتها في إطار القوانين الإسلامية». (١)
وعلى سبيل المثال أنّ الحاكم الإسلامي لو رأى أنّ المصلحة اللازمة تقتضي فتح طريق وهذا الأمر لا يتمّ إلّا بإجبار بعض أصحاب الأراضي على بيع أراضيهم ، فله العمل بما يراه ، ولكن على ضوء العدل والإنصاف.
إنّ الحضارة الصناعية تلازم وضع مقررات ولائيّة خاصة في دائرة المرور لأجل سلامة النفوس وسهولة الذهاب والإياب فللحاكم تلك الصلاحية في ضوء سائر القواعد العامة.
إنّ هذه الصلاحيات كانت ثابتة في الدرجة الأُولى للنبي الأعظم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لقوله سبحانه : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ). (٢) وبعده لخلفائه أعني : المعصومين (عليهمالسلام) أئمّة الدين ، وبعدهم فوّضت إلى فقهاء الأُمّة وعلمائهم الذين أُلقيت على كواهلهم أُمور تدبير الحياة وصيانة الشريعة.
ومع إدخال هذه الأُمور في التشريع الإسلامي سواءً أكان تشريعاً واقعياً أم حكماً ولائياً حكومياً موقتاً فما دام الملاك موجوداً فلا تجد أي حاجة إلى إعمال قاعدة الاستصلاح أو المصالح المرسلة المظنونة.
٥. ما هو السبب لجعل الاستصلاح مصدراً للتشريع؟
قد تبيّن ممّا ذكرنا أنّ الّذي حمل القائلين بالاستصلاح والمصالح المرسلة على عدها من مصادر التشريع هو أنّهم أهملوا هذه الأُمور الأربعة التي بها يحلّ ما أشكل من المسائل أو تزاحم من المصالح ، أعني :
__________________
(١) (تنبيه الأُمّة وتنزيه الملّة : ٩٧.)
(٢) الأحزاب : ٦.