لمالك ، فإنّه قال : يكون حجّة.
ومن أصحابه من قال : إنّما أراد بذلك ترجيح روايتهم على رواية غيرهم.
ومنهم من قال : أراد به أن يكون إجماعهم أولى ، ولا تمتنع مخالفته.
ومنهم من قال : أراد بذلك أصحاب رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
والمختار مذهب الأكثرين ، وذلك انّ الأدلّة الدالّة على أنّ الإجماع حجّة ، ليست ناظرة إلى أهل المدينة دون سواهم لا سيما وانّهم لا يشكّلون كلّ الأُمة ، فلا يكون إجماعهم حجة.
ثمّ ذكر من نصر مذهب مالك بالنص والعقل ، وذكر من الثاني ثلاثة أوجه ، ثمّ أخذ بالرد على جميع الوجوه ، وخرج بالنتيجة التالية :
لا يكون إجماع أهل الحرمين : مكة والمدينة ، والمصرين : الكوفة والبصرة ، حجّة على مخالفيهم ، وإن خالف فيه قوم لما ذكرناه من الدليل. (١)
نظرنا في الموضوع
إنّ اتّفاق أهل المدينة على حكم شرعي ليس بأقوى من إجماع علماء عصر واحد على حكم شرعي ، فكما أنّ الثاني لا يكون حجّة على المجتهد ولا يمكن أن يستدلّ به على الحكم الشرعي ، فهكذا اتّفاق أهل المدينة خاصة انّ عنصر الاتّفاق تم على تقليد بعضهم البعض ، فالاحتجاج بهذا الاتفاق ونسبته إلى الشارع بدعة وإفتاء بما لم يعلم أنّه من دين الله.
نعم لو كان اتفاقهم ملازماً لإصابة الواقع خاصة في العصور الأُولى ،
__________________
(١) الإحكام في أُصول الأحكام : ٣٠٢ / ١ ٣٠٥.