للمجتمع الإسلامي لأجل ظروف وملابسات مقطعية أو كان هناك تزاحم بين الحكمين الواقعيين ، فللحاكم الإسلامي رفع الحرج بتقديم أحكام العناوين الثانوية على أحكام العناوين الأوّلية ما دام الحرج باقياً ، أو تقديم الأهم من الحكمين على المهم ، وهذا النوع من الأحكام ليست أوّلية ، كوجوب الصلاة ولا ثانوية كالتيمم عند فقدان الماء ، بل صلاحيات خوّلها الشارع إلى الحاكم الشرعي لما يتمتع به من ولاية على الناس. فهذا النوع من التصرّف لغاية تطبيق الأحكام على صعيد الحياة.
المقام الثالث : كون المصلحة موضوعاً للأحكام الولائية
إنّ للرسول الأعظم مناصب ومقامات ثلاثة ، لكلّ مقام حكمه ومقتضاه :
١. انّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) رسول ، يوحى إليه في مجالي العقيدة والشريعة والأخلاق وغيرها فهو مبين الفرائض والمناهي والمندوبات والمكروهات والمباحات دون أي تصرف في تشريعاته سبحانه فهو حامل رسالات الله ومبلغها إلى الأُمة بقوله وفعله وتقريره وهذه سمة لكلّ مبعوث من الله سبحانه كما يقول : (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) (١)
٢. انّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قاض ، وحاسم للخصومات وقاطع للمرافعات ، يُجسد بقضائه قضاء داود وسليمان وغيرهما قال سبحانه : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٢) وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «انّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان». (٣)
__________________
(١) (المائدة : ٩٩.)
(٢) (ص : ٢٦.)
(٣) الوسائل : ١٨ ، الباب ٢ من أبواب كيفية القضاء ، الحديث ١.