٢
المقاصد الشرعية العامّة
قبل الخوض في البحث نقدّم أُموراً :
١. أفعاله سبحانه تكويناً وتشريعاً معللة بالغايات
إنّ الرأي السائد لدى الأشاعرة ، هو أنّ أفعال الله سبحانه لا تكون معلّلة بالأغراض والمقاصد ، مستدلّين بأنّه لو كان فعله خاضعاً للغرض لكان ناقصاً في ذاته ، مستكملاً بتحصيل ذلك الغرض ، لأنّه لا يصلح غرضاً للفاعل إلّا ما هو أصلح له من عدمه وهو معنى الكمال. (١)
ولكنّهم خلطوا بين الغرض العائد إلى الفاعل ، والغرض المترتّب على الفعل ، وإن كان المستفيد غيره سبحانه فالاستكمال لازم الصورة الأُولى دون الثانية ، والقائل بكون أفعاله معلّلة بالأغراض والدواعي ، يعني بها الصورة الثانية دون الأُولى ، وتبعية الفعل للغرض بالمعنى الأوّل ينافي كونه غنياً في ذاته وصفاته وأفعاله ، ولكنّها بالمعنى الثاني توجب خروج فعله عن كونه عبثاً ولغواً ، وكونه سبحانه عابثاً ولاغياً ، فالجمع بين كونه غنياً غير محتاج إلى شيء ، وكونه حكيماً منزهاً عن العبث واللغو ، يتحقق باشتمال أفعاله على حِكَم ومصالح
__________________
(١) المواقف : ٢٣١.