وانطباقه على جميع الحضارات الإنسانية تشريعه لقوانين خاصة الّتي لها دور التحديد والرقابة بالنسبة إلى عامة تشريعاته وقد اصطلح عليها الفقهاء ، بالأدلّة الحاكمة ، لأجل حكومتها وتقدّمها على كلّ حكم ثبت لموضوع بما هو هو. فهذه القوانين الحاكمة تعطي لهذا الدين مرونة يماشي بها كلّ حضارة إنسانية ، مثلاً : قوله سبحانه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (١) حاسم على كل تشريع استلزم العمل به حرجاً ، لا يتحمل عادة ، للمكلّف ، فهو مرفوع ، في الظروف الحرجية.
ومثله قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «لا ضرر ولا ضرار» فكلّ حكم استتبع العمل به ضرراً شديداً ، فهو مرفوع في تلك الشرائط ، وقس عليهما غيرهما من القوانين الحاكمة التي لها دور التحديد والحكومة.
٤. صلاحيات الحاكم الإسلامي
المراد بالحاكم الإسلامي هو الفقيه العارف بالكتاب والسنّة الّذي يقتدر على استنباط الأحكام الشرعية في عامّة المجالات من مصادرها.
فالحاكم بهذا المعنى هو الممثل للقيادة الحكيمة في أُمور الدين والدنيا الّتي من شأنها أن توصل المجتمع البشري إلى أرقى المستويات الحضارية الصحيحة ، فقد مُنح لمثل هذا الحاكم بنص أحاديث العترة الطاهرة كافة الصلاحيات المؤدية إلى حق التصرف المطلق في كلّ ما يراه ذا مصلحة للأُمّة ، لأنّه يتمتع بمثل ما يتمتع به النبي والإمام من النفوذ المطلق ، إلّا ما يعد من خصائصهما.
وإلى ذلك يشير شيخ الأُمّة الميرزا النائيني في أثره الخالد «تنبيه الأُمّة وتنزيه
__________________
(١) الحج : ٧٨.